شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٧٤
هو فيه على بصيرة بل هو من مسلمة الدار لا مسلمة الاختيار وهذا إذا قيل له في قبره من ربك قال هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فليتأمل اللبيب هذا المحل ولينصح نفسه وليقم معه ولينظر من أي الفريقين هو والله الموفق فإن توحيد الربوبية لا يحتاج إلى دليل فإنه مركوز في الفطر وأقرب ما ينظر فيه المرء أمر نفسه لما كان نطفة وقد خرج من بين الصلب والترائب والترائب عظام الصدر ثم صارت تلك النطفة في قرار مكين في ظلمات ثلاث وانقطع عنها تدبير الأبوين وسائر الخلائق ولو كانت موضوعة على لوح أو طبق واجتمع حكماء العالم على أن يصوروا منها شيئا لم يقدروا ومحال توهم عمل الطبائع فيها لأنها موات عاجزة ولا توصف بحياة ولن يتأتى من الموات فعل وتدبير فإذا تفكر في ذلك وانتقال هذه النطفة من حال إلى حال علم بذلك توحيد الربوبية فانتقل منه إلى توحيد الإلهية فإنه إذا علم بالعقل أن له ربا أوجده كيف يليق به أن يعبد غيره وكلما تفكر وتدبر ازداد يقينا وتوحيدا والله الموفق لا رب غيره ولا إله سواه قوله وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة فلا يزداد في ذلك العدد ولا ينقص منه وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه ش قال الله تعالى * (أن الله بكل شيء عليم) * * (وكان الله بكل شيء عليما) * فالله تعالى موصوف بأنه بكل شيء
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»