شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٦٢
* إن عذبوا فبعدله أو نعموا * فبفضله وهو الكريم السامع * فإن قيل فإي فرق بين قول الداعي بحق السائلين عليك وبين قوله بحق نبيك أو نحو ذلك فالجواب أن معنى قوله بحق السائلين عليك أنك وعدت السائلين بالإجابة وأنا من جملة السائلين فأجب دعائي بخلاف قوله بحق فلان فإن فلانا وإن كان له حق على الله بوعده الصادق فلا مناسبة بين ذلك وبين إجابة دعاء هذا السائل فكأنه يقول لكون فلان من عبادك الصالحين أجب دعاي وأي مناسبة في هذا وأي ملازمة وإنما هذا من الاعتداء في الدعاء وقد قال تعالى * (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) * وهذا ونحوه من الأدعية المبتدعة ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن أحد من الأئمة رضي الله عنهم وإنما يوجد مثل هذا في الحروز والهياكل التي يكتب بها الجهال والطرقية والدعاء من أفضل العبادات والعبادات مبناها على السنة والاتباع لا على الهوى والابتداع وإن كان مراده الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور أيضا لأن الإقسام بالمخلوق لا يجوز فكيف على الخالق وقد قال صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد اشرك ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه رضي الله عنهم يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ونحو ذلك حتى كره أبو حنيفة ومحمد رضي الله عنهما أن يقول الرجل اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ولم يكرهه أبو يوسف رحمه الله لما بلغه الأثر فيه وتارة يقول بجاه فلان عندك أو يقول نتوسل إليك بأنبيائك ورسلك وأوليائك ومراده أن فلانا
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»