وهو الكتاب الذي * (أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) * أن حقيقة قولهم إن ظاهر القرآن والحديث هو الضلال وانه ليس فيه بيان ما يصلح من الاعتقا ولا فيه بيان التوحيد والتنزيه هذا حقيقة قول المتأولين والحق أن ما دل عليه القرآن فهو حق وما كان باطلا لم يدل عليه والمنازعون يدعون دلالته على الباطل الذي يتعين صرفه فيقال لهم هذا الباب الذي فتحتموه وإن كنتم تزعمون أنكم تنتصرون به على إخوانكم المؤمنين في مواضع قليلة خفية فقد فتحتم عليكم بابا لأنواع المشركين والمبتدعين لا تقدرون على سده فإنكم إذا سوغتم صرف القرآن عن دلالته المفهومة بغير دليل شرعي فما الضابط فيما يسوغ تأويله وما لا يسوغ فان قلتم ما دل القاطع العقلي على استحالته تأولناه وإلا أقررناه قيل لكم وبأي عقل نزن القاطع العقلي فإن القرمطي الباطني يزعم قيام القواطع على بطلان ظواهر الشرع ويزعم الفيلسوف قيام القواطع على بطلان حشر الأجساد ويزعم المعتزلي قيام القواطع على امتناع رؤية الله تعالى وعلى امتناع قيام علم أو كلام أو رحمة به تعالى وباب التأويلات التي يدعي أصحابها وجوبها بالمعقولات أعظم من أن تنحصر في هذا المقام ويلزم حينئذ محذوران عظيمان أحدهما أن لا نقر بشيء من معاني الكتاب والسنة حتى نبحث قبل ذلك بحوثا طويلة عريضة في إمكان ذلك بالعقل وكل طائفة من المختلفين في الكتاب يدعون أن العقل يدل على ما ذهبوا إليه فيؤول الأمر إلى الحيرة المحذورة الثاني ان القلوب تتخلى عن الجزم بشيء تعتقده مما أخبر به الرسول إذ لا يوثق بأن الظاهر هو المراد والتأويلات مضطربة فيلزم عزل الكتاب والسنة عن الدلالة والإرشاد إلى ما أنبأ الله به العباد وخاصة النبي هي الانباء والقرآن
(٢٣٦)