وقوله أو تأولها بفهم أي ادعى أنه فهم لها تأويلا يخالف ظاهرها وما يفهمه كل عربي من معناها فإنه قد صار اصطلاح المتأخرين في معنى التأويل أنه صرف اللفظ عن ظاهره وبهذا تسلط المحرفون على النصوص وقالوا نحن نتأول ما يخالف قولنا فسموا التحريف تأويلا تزيينا له وزخرفة ليقبل وقد ذم الله الذين زخرفوا الباطل قال تعالى * (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) * والعبرة للمعاني لا للألفاظ فكم من باطل قد أقيم عليه دليل مزخرف عورض به دليل الحق وكلامه هنا نظير قوله فيما تقدم لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ثم أكد هذا المعنى بقوله إذا كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم وعليه دين المسلمين ومراده ترك التأويل الذي يسمونه تأويلا وهو تحريف ولكن الشيخ رحمه الله تأدب وجادل بالتي هي أحسن كما أمر الله تعالى بقوله * (وجادلهم بالتي هي أحسن) * وليس مراده ترك كل ما يسمى تأويلا ولا ترك شيء من الظواهر لبعض الناس لدليل راجح من الكتاب والسنة وإنما مراده ترك التأويلات الفاسدة المبتدعة المخالفة لمذهب السلف التي يدل الكتاب والسنة على فسادها وترك القول على الله بلا علم فمن التأويلات الفاسدة تأويل أدلة الرؤية وأدلة العلو وأنه لم يكلم موسى تكليما ولم يتخذ إبراهيم خليلا ثم قد صار لفظ التأويل مستعملا في غير معناه الأصلي فالتأويل في كتاب الله وسنة رسوله هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام فتأويل الخبر هو عين المخبر به وتأويل الامر نفس الفعل
(٢٣٢)