أجنبيا لا يرتبط بما سبق إلا بأن يجعل صفة كيفية متشابهة فيذكر المحدود في الحد وإن جعل الظرف متعلقا بقوله يحدث كان الواقع في معرض الجزاء أجنبيا لا معنى له والظاهر أن قوله إذا تفاعلت الخ أخذ في طريق التفريع بعد تمام التعريف وأسند التفاعل في التعريف إلى الكيفيات على ما هو ظاهر نظر الصناعة وفي التفريع إلى العناصر بواسطة القوى التي هي الكيفيات أو الصور النوعية على ما هو أقرب إلى التحقيق الفلسفي فإن قيل فيدخل في التعريف توابع المزاج قلنا وكذلك إذا جعلنا الشرطية من تمام التعريف لأن إخراجها بقيد المتشابهة تفسيرا لها بما فسروا به المتوسطة تعسف على ما سيجيء إن شاء الله تعالى ثم لا بد لتوضيح المقام من الكلام في مواضع الأول أنه اعتبر في المزاج تصغر أجزاء العناصر لأن تأثير الجسم وإن أمكن بدون المماسة كما في تسخين الشمس للأرض وجذب المغناطيس للحديد لكن لا خفاء في أنه في الامتزاج إنما هو بطريق المماسة وهي تتكثر بتكثر السطوح الحاصل بتكثر الأجزاء الحاصل لتصغرها وكلما كان تصغر الأجزاء أكثر كان الامتزاج أتم ومنهم من جعل المماسة شرطا في تأثير الجسم لأنه إن لم يشترط وضع أصلا فباطل للقطع بأن نار الحجاز لا تحرض حطب العراق وإن اشترط المجاورة ولو بوسط أو وسائط فالبعيد لا ينفعل إلا بعد انفعال القريب القابل للانفعال وحينئذ فالمؤثر في البعيد هو المتوسط بما استفاد من الأثر للقطع بأن سخونة الجسم المجاور للهواء المجاور للنار إنما هو بسخونة الهواء فلا يكون التأثير بدون المماسة والجواب أنه يجوز أن يكون القابل هو البعيد دون القريب فيتأثر بدون المماسة كما في تسخين الشمس للأرض وجذب المغناطيس للحديد الثاني أنه لا بد في حدوث المزاج من العناصر الأربعة لأن في كل منها فائدة لا يتم بدونها الكسر والانكسار وحدوث الكيفية المتوسطة المتشابهة ولهذا يرى المركب من الماء والتراب لا تترتب عليه آثار الأمزجة إلا بعد تخلخل في الأجزاء وحرارة فوق ما في الهواء فعلى هذا لا بد في تحصيل الجزء الناري من الكون والفساد إذ لا ينزل من الأثير إلا بالقاسر ولا قاسر وبعضهم على أنه يجوز حدوث المزاج من اجتماع بعض العناصر فإنها إذا تصفرت أجزاؤها جدا واختلطت تفاعلت لا محالة وحدثت الكيفية المتوسطة الثالث أن عند امتزاج العناصر الفاعل والمنفعل هي الكيفيات الأربع في نظر الطبيب إذ لا ثبت عنده للصورة النوعية وأما الفلاسفة فلما أثبتوها بما سبق من الأدلة جعلوا الفاعل هو الصورة بتوسط الكيفية التي لمادتها بالذات كحرارة
(٣٦٢)