متقاومة فزعم الشارح أن تساوي مقادير الكيفيات إشارة إلى تساوي مقادير العناصر فإن تساوي السوادين مثلا في القذر عبارة عن تساوي محلهما والتقادم إشارة إلى تساوي الكيفيات شدة وضعفا وذلك لأنه حكم بامتناع وجود هذا المعتدل التساوي هيولي عناصره إلى أحيازها فلا يتحقق الاجتماع ريثما يحصل الفعل والانفعال وتساوي الميول لا يمكن بدون تساوي مقادير أجرام العناصر حجما وتساوي كيفياتها قوة وضعفا أما الأول فلأنه ذكر أن الغالب في الكم يغلب في الميل لا محالة وأما الثاني فلأن الميول تختلف باختلاف الكيفيات أيضا فإنها قد تعاون الصورة النوعية في أحداث الميل وقد تعاوقها عنه فإن الماء المبرد بالثلج أميل إلى مكانه من الماء المسخن بالنار فلا بد في المعتدل الذي يمتنع وجوده لتساوي ميوله من تساوي عناصره كما وكيفا ثم قال والخارج عن هذا الاعتدال لا ينحصر في ثمانية ولم يدع أحد هذا الانحصار كيف والمعتدل الفرضي والخارج عنه وهما تسعة على ما سيجيء خارج عن هذا الاعتدال وفيه نظر أما أولا فلأن المفهوم من مقادير الكيفيات مراتبها في الشدة والضعف لامتداداتها بحسب المسافة لتكون بحسب مقادير أجرام العناصر وأما ثانيا فلأن كيفيات العناصر مختلفة في الشدة والضعف حتى جعلوا حرارة النار أضعاف برودة الماء مثلا فكيف يتصور تساوي أجرام العناصر مع تساوي كيفياتها حتى يكون الحكم بامتناع وجوده بناء على تداعي الأجزاء إلى الافتراق بسبب اختلاف الميول وأما ثالثا فلأن ادعاء انحصار الخارج عن هذا الاعتدال في الثمانية صريح في كلام القانون متصلا بكلامه في هذا الاعتدال وجعل الاعتدال الفرضي مع الأقسام الثمانية للخارج عنه قادحا في هذا الانحصار وهم إذ ربما يكون جميع ذلك أحد الأقسام الثمانية للخارج عن هذا الاعتدال أعني الحقيقي (قال وهو ممنوع 9) يعني يجوز أن يكون الاجتماع المؤدي إلى الفعل والانفعال حاصلا بأسباب أخر غير علية الكيفيات كان يكون حدوث الجزء الناري تحت الأرضي مثلا فيمتنع كل منهما صاحبه عن الميل إلى حيز نفسه (قال أو كيفيتين غير متضادتين فينحصر في ثمانية) يشير إلى أنه لا يمكن الخروج عن الاعتدال بالحرارة والبرودة جميعا أو بالرطوبة واليبوسة جميعا لأن الميل عن حاق الوسط إلى الحرارة مثلا معناه زيادة الحرارة على البرودة فكيف يتصور مع ذلك زيادة البرودة على الحرارة وبهذا يبطل ما قيل يجوز الخروج بكيفيات ثلاث فيزيد على الأقسام الثمانية أربعة أخرى هي المزاج الحار البارد والرطب أو اليابس والمزاج الرطب اليابس الحار أو البارد نعم يتصور ذلك لو اشترط في المعتدل تساوي أجرام العناصر أيضا بأن يزيد جرم الحار والبارد جميعا أو الرطب واليابس جميعا (قال وقد يقال المعتدل 8) ما مر كان هو المعتدل الحقيقي مشتقا من التعادل بمعنى التساوي وهذا هو المعتدل الفرضي والطبي المستعمل في صناعة الطب مشتقا من العدل في القسمة ومعناه
(٣٦٧)