شرح القانون من أن معنى التشابه في جميع الأجزاء أن يستحر بالقياس إلى البارد ويستبرد بالقياس إلى الحار وكذا في الرطوبة واليبوسة قصدا إلى دفع اعتراض الإمام بدخول توابع المزاج في تعريفه فمخالفة لصريح العقل وصحيح النقل وما ذكرنا هو المفهوم من اللفظ والمذكور في كلام القوم (قال فلا بد من استحالة العناصر في كيفياتها جميعا) قد عرفت فيما مضى أن الكون والفساد تبدل في الصورة النوعية للعناصر بأن تبطل صورة وتحدث أخرى مع بقاء المادة والاستحالة تبدل في الكيفيات بأن تزول كيفية وتحدث أخرى مع بقاء الصورة ولا خفاء في أن القول بالمزاج بالمعنى المذكور أعني حدوث كيفية متوسطة متشابهة في كل جزء بحسب الحقيقة مبني على جواز استحالة كل عنصر في كيفية الفعلية والانفعالية حتى يكون الجزء الناري من الممتزج في الكيفية المتوسطة بين الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة كالجزء المائي والهوائي والأرضي على السواء وزعم الإمام أنهم لم يثبتوا ذلك إلا في الماء حيث يستحيل برودة إلى الحر من غير تكون وبروز ولا ورود عليه من خارج وهو لا يستلزم جواز استحالة الكل في الكل وكان الأطباء تركوا بيان هذا الأصل إلى الحكماء لكونه من مبادئ علم الطب والحكماء إلى الأطباء لكونه من فروع الطبيعي وأصول الطب فبقي مهملا ورد بأن جواز الاستحالة من لوازم جواز الكون والفساد فبيانه في كل بيان لجواز الاستحالة في الكل وتقريره على ما أشير إليه في النجاة أن زوال صورة وحدوث أخرى إنما يكون عند تمام استعداد المادة وهو أمر حادث يفتقر إلى زمان فلا بد من تغير واقع على التدريج وليس ذلك في نفس الصورة لأن وجودها وعدمها دفعي فتعين أن يكون في الكيفية بأن تتغير فتضعف الكيفية التي تناسب الصورة التي تفسد وتشتد التي تناسب الصورة التي تكون ولا نعني بالاستحالة إلا تغير الكيفية مع بقاء الصورة وما ذكر في المتن استدلال على ثبوت الاستح الة بوجة آخر وهو أنه لما ثبت فيضان الصور والنفوس لزم حدوث كيفية متوسطة متشابهه في جميع اجزاء الممتزج لتستعد المادة بذلك لقبولها وهذا نفس الاستحالة أعني زوال الكيفيات الصرفة في الأجزاء العنصرية وحصول الكيفية المتوسطة وفيه نظر لجواز أن يحصل الاستعداد بمجرد اختلاط الأجزاء المتصغرة بحيث تحصل الكيفية المتوسطة بحسب الحس مع كون كل من الأجزاء البسيطة على صرافة كيفيتها (قال ثم التعريف يتناول المزاج الثاني 3) أعني الحاصل من امتزاج الأجزاء المتصغرة للمركبات كمزاج الذهب الحاصل من امتزاج الزئبق والكبريت أن جعلناه حادثا من انكسار الكيفيات بصور البسايط العنصرية المحفوظة في الممتزج على ما يظهر بالقرع والأنبيق فإنا إذا وضعنا فيه قطعة من اللحم مثلا تميز إلى جسم مائي قاطر وأرضي متكلس وأما إذا جعلنا حدوثه بواسطة الصور النوعية للمركبات بأن تعد الكيفية المزاجية الأجزاء الممتزجة لفيضان صورة نوعية عليها غير صور العناصر
(٣٦٥)