ثم تتفاعل الممتزجات المختلفة بواسطة صورها وكيفياتها فتحدث كيفية متوسطة متشابهة في الشكل كما في الذهب بواسطة الصورة الزئبقية والكبريتية فلا يدخل في التعريف لأنها لم تحدث من تفاعل العناصر بقواها أي صورها أو كيفياتها (قال فالمزاج نوع آخر 2) قد علم مما سبق أن المزاج كيفية ملموسة مغايرة بالنوع لما في العناصر من الكيفيات الصرفة حاصلة في كل جزء من الأجزاء الممتزج حتى الأجزاء البسيطة العنصرية وهي باقية على صورها النوعية وإنما استحالت من كيفياتها الصرفة إلى الكيفية المتوسطة وهذا رأي جمهور المشائين فإن قيل لو كانت صور العناصر باقية والصورة الحادثة بعد المزاج سارية في جميع أجزاء الممتزج لزم أن تكون النار مثلا مع الصورة النارية متصفة بالصورة الذهبية و ح جاز أن تكون المواليد من عنصر واحد قلنا يجوز أن تكون الصورة الحادثة إنما تسري في الأجزاء المركبة دون البسيطة أو يكون قبول البسيط إياها مشروطا بالامتزاج ثم ههنا مذاهب أخر فاسدة الأولى أن العناصر باقية على صورها وصرافة كيفياتها وإنما تحس بالكيفية المتوسطة لفرط الاختلاط وعدم الامتياز عند الحس ورد بأن عدم بقاء العناصر على صرافة كيفياتها عند تماسها معلوم قطعا الثاني أن امتزاج العناصر وتفاعلها قد أد ى بها إلى أن تخلع صورها ولا تكون لواحد منها صورتها الخاصة وتلبس حينئذ صورة واحدة فيصير لها هيولي واحدة وصورة واحدة ثم منهم من جعل تلك الصورة أمرا متوسطا بين الصور المتضادة للبسائط ومنهم من جعلها صورة أخرى للنوعيات أي صورة توجد لبعض الأنواع الموجودة في الأعيان ورد بوجهين أحدهما أن تفاسد الصور سواء كان على وجه الانكسار أو الزوال بالكلية إما أن يكون معا أو على التعاقب وكلاهما فاسد لما مر في الكيفيات ولا يجوز أن يجعل الفاعل ههنا هو الكيفية كالصورة في انكسار الكيفيات لأن في فساد الصورة فساد آثارها أعني الكيفيات وثانيهما أنه لو كان كذا لما اختلفت أجزاء الممتزج بالتبخر والتقاطر والترمد واللازم باطل بحكم الفرع والأنبيق (قال ثم المزاج 6) بين حقيقة المزاج وكيفية حصوله وهذا بيان أقسامه بحسب الاعتدال الحقيقي أو الفرضي والخارج عنه بكيفية أو أكثر وقد سبق أن المزاج كيفية متوسطة بين الكيفيات الأربع أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وسميت قوى باعتبار كونها مبادئ التغيرات على ما هو ظاهر نظر صناعة الطب والقوة اسم لما هو مبدأ التغير من آخر في آخر من حيث هو آخر فالمزاج إن كان على حد التساوي في مقادير القوى الأربع شدة وضعفا فمعتدل حقيقي وإلا فغير معتدل والتساوي في مقادير القوى لا يستلزم التساوي في مقادير العناصر لجواز أن يكون عنصرا مغلوبا في الكمية قويا في الكيفية وبالعكس وأكد صاحب القانون التساوي بالتقادم حيث قال الاعتدال أن تكون مقادير الكيفيات المتضادة متساوية
(٣٦٦)