أنه أمر مبهم لا يتحصل معقولا مطابقا لما في الأعيان من الأنواع الحقيقية إلا إذا اقترن به فصل لأنه الذي يحصل طبيعة الجنس ويقررها ويعينها ويقومها نوعا وهذا معنى علية الفصل للجنس وحاصله أنه الذي به يتخصص الجنس أي يصير حصة ولذا نقل الإمام عن أبي علي أن الفصل علة لحصة النوع من الجنس وإن كان صريح عبارته أنه علة لطبيعة الجنس بمعنى أن الصورة الجنسية ليست متحصلة بنفسها بل مبهمة محتملة لأن تقال على أشياء مختلفة الحقائق وإذا انضافت إليها الصورة الفصلية تحصلت وصارت بعينها أحد تلك الأشياء فالفصل بالحقيقة علة لتحصلها بهذا المعنى وارتفاع إبهامها لا بحصولها في العقل لظهور أن المعنى الجنسي يعقل من غير فصل ولا لحصولها في الخارج لأنه لا تمايز بينهمافي الخارج وإلا امتنع حمل أحدهما على الآخر بالمواطأة ومن البين أن ليس في السواد أمر محقق هو اللون وآخر هو قابضية البصر يجتمعان فيتحصل منهما السواد بل التحقيق أن ليس في الخارج إلا الأشخاص وإنما الجنس والفصل والنوع صور متمايزة عند العقل يحصلها من الشخص بحسب الاستعدادات تعرض للعقل واعتبارات يتعقلها من جزئيات أقل أو أكثر مختلفة في التباين والاشتراك فتدرك من زيد تارة صورة شخصية لا يشاركه فيها غيره وأخرى صورة يشاركه فيها عمرو وبكر وأخرى صورة يشاركه فيها الفرس وغيره وعلى هذا القياس فإن قيل هذا إنما هو في النوع البسيط كالسواد لظهور أن ليس في الخارج لونية وشئ آخر به امتاز السواد عن سائر الألوان ولهذا لا يصح أن يقال جعل لونا فجعل سوادا بل جعلاهما واحد وأما في غيره فالذاتيات المتمايزة في العقل متمايزة في الخارج وليس جعلاهما واحدا كالحيوان فإنه يشارك النبات في كونه جسما ويمتاز عنه بالنفس الحيوانية وجعل الجسم غير جعل النفس حتى إذا زالت عنه النفس بقي ذلك الجسم بعينه موجودا كالفرس الذي يموت وجسميته باقية ولهذا يصح أن يقال جعل جسما فجعل حيوانا قلنا الجسم المأخوذ على وجه كونه مادة غير المأخوذ على وجه كونه جنسا ولا كلام في تميز الأول عن الكل بالوجود الخارجي وإنما الكلام في الثاني لأنه الجزء المحمول المسمى بالذاتي وقد سبق تحقيق ذلك والحاصل أن الذاتيات المتمايزة بحسب العقل فقط قد يكون لها مبادي متمايزة بحسب الخارج كالحيوان من الجسم والنفس الحيوانية والإنسان من البدن والنفس الناطقة وقد لا يكون كالسواد من اللون وقابضية البصر وكالسطح من الكم وقابلية القسمة في الطول والعرض جميعا وهو المسمى بالنوع البسيط ومن ههنا جوز بعض المحققين كون الفصل عدميا فإن المعنى الجنسي من الكم المتصل يتحصل بما له طول وعرض فقط فيكون سطحا وبما له طول فقط فيكون خطا قال وكالهيولي والصورة يعني أن الاحتياج فيما بين الجزئين قد يكون من الجانبين لكن لا باعتبار واحد وإلا يلزم الدور وذلك كالهيولي والصورة للجسم فإن تشخص
(١٠٥)