شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ١٠٣
في العوارض الثبوتية أو السلبية أو مجرد الاختلاف بالذاتي مع الاشتراك في العوارض فلا يستلزم التركيب لجواز أن يكون الذاتي المشترك تمام ماهيتهما ويستند اختلاف العوارض إلى أسباب غير الماهية كما في أصناف الإنسان وأفراده وأن يكون الذاتيان المختلفان تمام الماهيتين البسيطتين المشتركتين في العوارض كالوحدة والنقطة في العرضية والإمكان ونحو ذلك قال وقد يعتبرالبساطة والتركب بالتفسير السابق وصفان متنافيان لا يصدقان على شيء أصلا ولا يرتفعان لكونهما في قوة النقيضين وقد يؤخذان متضايفين بأن يؤخذ البسيط بسيطا بالقياس إلى ما تركب منه بمعنى كونه جزأ منه والمركب مركبا بالقياس إلى جزئه بمعنى كونه كلا له وهذا المعنى غير معنى كونه ذا جزء في الجملة وهو معنى المركب الحقيقي وإن كان في نفسه من قبيل الإضافة وبين البسيط الحقيقي والبسيط الإضافي عموم من وجه لتصادقهما في بسيط حقيقي هو جزء من مركب كالوحدة للعدد وصدق الحقيقي بدون الإضافي في بسيط حقيقي لا يتركب منه شيء كالواجب وبالعكس في مركب وقع جزء المركب كالجسم للحيوان وبين المركب الحقيقي والإضافي مساواة إن لم يشترط في الإضافي اعتبار الإضافة لأن كل مركب حقيقي فهو مركب بالقياس إلى جزئه وبالعكس وعموم مطلقا إن اشترط ذلك لأن كل مركب بالقياس إلى جزئه فهو مركب حقيقي ولا ينعكس لجواز أن لا تعتبر في الحقيقي الإضافة إلى جزئه فيكون أعم مطلقا من الإضافي وذكر في التجريد أن البسيط الحقيقي أخص مطلقا من الإضافي والمركب الإضافي أخص مطلقا من الحقيقي أما الأول فلأن كل بسيط حقيقي فهو بسيط بالقياس إلى المركب منه ولا ينعكس لجواز أن يكون البسيط الإضافي مركبا حقيقيا كالجسم للحيوان والجدار للبيت وأما الثاني فلأن كل مركب إضافي مركب حقيقي وليس كل مركب حقيقي مركبا إضافيا لجواز أن لا يعتبر فيه الإضافة وفيه نظر لأن البسيط الحقيقي قد لا يكون بسيطا إضافيا بأن لا يعتبر جزأ من شيء أصلا فالقول بأن المركب الحقيقي قد لا يكون إضافيا مع أن له جزأ البتة والبسيط الحقيقي يكون إضافيا البتة مع أنه لا يلزم أن يكون جزأ من شيء فضلا عن اعتبار ذلك باطل قطعا (قال ولا بد من تقدم الجزء) يعني أن جزء الشيء يتقدمه وجودا وعدما في الذهن والخارج أما الوجود فبالنسبة إلى كل جزء وأما العدم فبالنسبة إلى شيء ما من الأجزاء بمعنى أن وجود الإنسان مثلا في العقل يفتقر إلى وجود الحيوان والناطق وعدمه إلى عدم أحدهما ووجود البيت في الخارج يفتقر إلى وجود الجدار والسقف وعدمه إلى عدم شيء منهما ويتفرع على الأول الاستغناء عن الواسطة في التصديق بمعنى أن جزم العقل بثبوت الذاتي للماهية لا يتوقف على ملاحظة وسط واكتساب بالبرهان بل يجب إثباته لها ويمتنع سلبه عنها بمجرد تصورها وعلى الثاني الاستغناء عن الوسط في الثبوت بمعنى أن حصول الجزء للمركب
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»