عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخا. ومنها: نفيه أبا ذر إلى الربذة ، وتزويجه مروان بن الحكم بنته، وتسليمه خمس غنائم إفريقية له، وقد بلغت مائتي ألف دينار. ومنها: إيواؤه عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان رضيعه بعد أن أهدر النبي عليه السلام دمه، وتوليته إياه مصر بأعمالها، وتوليته عبد الله بن عامر البصرة حتى أحدث فيها ما أحدث... إلى غير ذلك مما نقموا عليه، وكان أمراء جنوده معاوية بن أبي سفيان عامل الشام وسعد بن أبي وقاص عامل الكوفة، وبعده الوليد بن عقبة وسعيد بن العاص وعبد الله بن عامر عامل البصرة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل مصر، وكلهم خذلوه ورفضوه حتى أتى عليه قدره..) (1).
وفي كتاب أنساب الأشراف للبلاذري المتوفى سنة (279 ه) عن سعيد بن المسيب قال: (لما ولي عثمان كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن عثمان كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة حجة وكان كثيرا ما يولي من بني أمية من لم يكن له مع النبي صحبة، فكان يجئ من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست الأواخر استأثر ببني عمه فولاهم وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر فمكث عليها سنين فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه، وقد كانت من عثمان قبل هنات إلى عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمار بن ياسر، فكان في قلوب هذيل وبني زهرة وبني غفار وأخلافها من غضب لأبي ذر ما فيها، وحنقت بنو مخزوم لحال عمار بن ياسر....).
نعم فهذه الأسباب وغيرها هي التي كانت السبب في ثورة أولئك الثوار على عثمان والتي انتهت بقتله، وأن القول بأن عبد الله بن سبأ اليهودي " هذا على فرض حقيقة شخصيته " هو الذي أجج نار الفتنة