وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٠١
وما كان النبي ليغفل عن هذا الجانب، وهو الذي كان يهتم بكل صغيرة وكبيرة.
فهل يعقل أن يبين لنا كيفية دخول الحمام وآدابه، ويترك مبدأ الشورى دون أي بيان؟!
إن أول محاولة لتطبيق الشورى - إن كان فيها شورى - كادت أن تحدث فتنة بين أهل القرون الأولى. فقد تنازع الصحابة واختلفوا في السقيفة. فعمر كان يقول: اقتلوا سعدا قتله الله! وجمعوا الحطب لحرق بيت الزهراء (عليها السلام)! وتأخر جماعة عن البيعة! وتأخر علي ستة أشهر! وقتل سعد بن عبادة!
فإذا كان أهل القرون الأولى قد تنازعوا ووصل الأمر بهم إلى القتل والتحريق في أول تجربة للشورى، فما هو حال من يأتي بعدهم؟!
إن لدى أهل السنة ثلاث طرق لتولي الخلافة هي:
1 - الشورى. 2 - عهد الخليفة لمن بعده. 3 - القهر والغلبة.
وهذه الطرق لا أصل لها في التشريع الإسلامي بل هي طارئة، ومستقاة من التاريخ السياسي للمسلمين.
فحين بويع أبو بكر قالوا: يتم اختيار الخليفة بالشورى. ولما عهد أبو بكر بالخلافة لعمر قالوا: ويتم اختيار الخليفة بالعهد من الخليفة الذي قبله. وحين استولى معاوية على الخلافة بالقهر قالوا: إن القهر والغلبة من طرق تولى الخلافة.
وهذه الطرق الثلاثة لم يأت بها الوحي، مع العلم بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يموت بين كل شئ للمسلمين وكان المسلمون يقرؤون (اليوم أكملت لكم دينكم) فالدين كامل قبل اختراع هذه الطرق، وإذا بحثت فلن تجد لهذه الطرق مستندا من كتاب أو سنة.
ولما عجز أصحاب هذه النظريات عن إيجاد مستند شرعي لهذه الطرق نظروا في تاريخ المسلمين وجعلوه جزءا من التشريع الإسلامي!
ولا ندري، هل كان فعل هؤلاء منشئا للنظام السياسي الإسلامي الذي وضحت معالمه في حياة النبي؟ أم كانوا شركاء لله في التشريع حتى يأخذ فعلهم صبغة شرعية؟ أم ماذا؟!
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»