وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٠٠
جليا أن الأمر بالمشاورة في هذه الآية بقصد الملاينة معهم والرحمة بهم وليس مأمورا بالعمل برأيهم... ومن المجموع أن مقام المشاورة الراجحة إنما هي في الغزوات " (1).
نعم لو كان الأمر المطلوب المشاورة فيه هو الخلافة، لشاور النبي صحابته، لكن لم يرد أن النبي شاور أصحابه في أمر الخلافة، فدل هذا على أن المشاورة المقصودة في الآية هي غير الخلافة، وإلا لكان النبي مخالفا لأمر ربه إذ أمره بمشاورة أصحابه بالخلافة ولم يفعل!!
وقول الله (وشاورهم في الأمر) - إن كان هذا الأمر هو الخلافة - فيستلزم وجود النبي بعد موته حيا بين صحابته ليشاورهم في أمر الخلافة!! وإلا كيف يشاورهم وهو في قبره؟! فدلالة الآية على أن الخلافة شورى غير واردة.
و " لو كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اتخذ من مستقبل الدعوة بعده موقفا ايجابيا يستهدف وضع نظام الشورى موضع التطبيق بعد وفاته مباشرة، وإسناد زعامة الدعوة إلى القيادة التي تنبثق عن هذا النظام، لكان من أبده الأشياء التي يتطلبها هذا الموقف الإيجابي، أن يقوم الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعملية توعية للأمة والدعاة على نظام الشورى وحدوده وتفاصيله، وإعطائه طابعا دينيا مقدسا، وإعداد المجتمع الاسلامي إعدادا فكريا وروحيا لتقبل هذا النظام، وهو مجتمع نشأ من مجموعة من العشائر لم تكن قد عاشت قبل الإسلام - وضعا سياسيا على أساس الشورى...
ونستطيع بسهولة أن ندرك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يمارس عملية التوعية على نظام الشورى وتفاصيله التشريعية أو مفاهيمه الفكرية، لأن هذه العملية لو كانت قد أنجزت لكان من الطبيعي أن تنعكس وتتجسد في الأحاديث المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو في ذهنية الأمة... مع أننا لا نجد في الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي صورة تشريعية محددة لنظام الشورى " (2).

1 - معالم المدرستين، مرتضى العسكري: 1 / 168 - 169.
2 - بحث حول الولاية: ص 28 - 29.
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»