وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٩٠
وليس هناك تفسير مقنع لمحتوى الكتاب غير هذا. قال الشيخ محمد الغزالي:
" وكان النبي نفسه قد هم بكتابة عهد يمنع شغب الطامعين في الحكم ". قال الألباني معلقا على هذا الكلام: " يشير إلى حديث ابن عباس مرفوعا: هلموا اكتب لكم كتابا... " (1).
فالشيخ الغزالي والألباني يوافقاننا بأن الكتاب عهد لمنع شغب الطامعين في الحكم!
ولرب معترض يقول: حتى لو أقرا بذلك فمن غير المعلوم أنه كان سيعهد لعلي.
قلنا: المهم إنهما أقرا معنا على الهدف من الكتاب. والقرائن تشير إلى أن الكتاب هو تأكيد لحق آل البيت في الخلافة. وعمر يقول لابن عباس في حق علي: " لقد هم النبي أن يصرح باسمه في مرضه الذي توفي فيه، فمنعت من ذلك، إشفاقا وحيطة على الإسلام " (2)!!
بقي إشكال يكرر وهو: لو كان محتوى الكتاب مهما، لأعاد النبي كتابته، لأنه لا يجوز للنبي أن يكتم شيئا.
لقد وقع الخلاف بين الصحابة أنفسهم، هل كان النبي يهذي - والعياذ بالله - أم لا؟
فإذا اعتقدوا أنه يهذي في كلامه وهو حي بينهم، فكذا سيكون اعتقادهم في كتابه، هل هو هذيان أم لا؟ ويدب الخلاف...
حقا لقد كان الكتاب - الذي أراد النبي أن يكتبه - مهما للغاية، لذلك رأينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد طرد أصحابه. وكان ابن عباس يبكي حتى يخضب دمعه الحصباء ويقول:
إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وشتان بين موقف عمر هنا وموقفه من كتاب أبي بكر في مرضه. فبحضرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أشفق عليه! وقال: غلبه الوجع، أما حين كتب أبو بكر كتابا يوصي له بالخلافة قال: اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله!! (3) وهاتان الحادثتان يجدر

١ - فقه السيرة: ص ٤٩٨ وكلام الألباني في الحاشية.
٢ - شرح النهج، ابن أبي الحديد.
٣ - تاريخ الطبري: ٢ / 618.
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»