وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٩٨
بالأنامل من الغيظ، وأهل الردة على ما بيناه، والأمم الكافرة على ما قدمناه، والأنصار قد خالفوا المهاجرين، وانحازوا عنهم يقولون منا أمير ومنكم أمير... و... و... فرعاه النظر للدين إلى الكف عن طلب الخلافة، والتجافي عن الأمور علما منه أن طلبها - والحال هذه - يستوجب الخطر في الأمة، والتفرق في الدين، فاختار الكف إيثارا للإسلام، وتقديما للصالح العام. وتفضيلا للآجلة على العاجلة. غير أنه قعد في بيته، ولم يبايع حتى أخرجوه كرها. احتفاظا بحقه، واحتجاجا على من عدل عنه، ولو أسرع إلى البيعة ما تمت له حجة ولا سطع له برهان، ولكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من إمرة المؤمنين، فدل هذا على أصالة رأيه ورجاحة حلمه، وسعة صدره، وإيثاره المصلحة العامة... " (١).
سئل هشام بن الحكم: " لماذا لم يدع علي الناس إلى نفسه، فقال: لم يكن واجبا عليه. فقد دعاهم النبي إلى موالاته يوم غدير خم وغيره، فلم يقبلوا. ولو وجب ذلك لوجب على آدم أن يدعو إبليس إلى السجود "؟!!
وسئل أيضا: " كيف قعد علي عن حقه؟ فقال: كما قعد هارون عن حقه. قيل:
أكان عن ضعف منه؟ قال: كقول هارون: ﴿قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني﴾ (2) " (3).
وسئل علي (عليه السلام): " كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام، وأنتم أحق به؟ فقال (عليه السلام):
يا أخا بني أسد، إنك لقلق الوضين، ترسل في غير سدد، ولك بعد ذمامة الصهر، وحق المسألة، وقد استعلمت فاعلم: أما الاستبداد علينا بهذا المقام - ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نوطا، - فإنها كانت أثرة، شحت عليها نفوس قوم،

١ - المراجعات: المراجعة رقم ٨٤.
٢ - الأعراف: ١٥٠.
3 - راجع الاحتجاج.
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 ... » »»