وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٨٩
وعن علي (عليه السلام): " بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آخذ بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة... فلما خلا له الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا.
قلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال: " ضغائن في صدور أقوام، لا يبدونها لك إلا من بعدي " (1) ".
لكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - ذلك العظيم - لا ينحني أمام العاصفة، فأراد أن يقيم الحجة على الناس بأن يكتب خلافة علي (عليه السلام) على الورق.
ففي أخريات حياته (صلى الله عليه وآله وسلم) وبينما كان على فراشه، قال لأصحابه: " ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ". فقال عمر: إن رسول الله قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله....
لقد (أشفق) هؤلاء الصحابة بقيادة عمر على النبي ولم يقبلوا بهذه النعمة، لكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يشفق عليهم بل طردهم!
وعمر الشفيق علم ما سيكتبه النبي، وأنه سيعهد لهارونه، فحال دون ذلك.
وليس هذا الكلام جزافا بل هناك قرائن تؤيد مقالتنا. فعندما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا... علم عمر أن النبي سيذكر كتاب الله وشيئا آخر كان يقرنه معه دائما. فقال فورا: حسبنا كتاب الله. أي يكفينا كتاب الله، ولا نريد ذلك الشئ الملازم له.
أجل إن الرسول أراد أن يكتب شيئين أحدهما: كتاب الله كما فهم عمر وشيئا آخر ملازم له، وهم (آل البيت)، ليؤكد خلافتهم. ومما يؤكد قولنا قول النبي في يوم الخميس ".. أكتب لكم كتابا لن تضلوا.. " وقوله في حديث الثقلين " ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا " فدقق النظر في هذا واحكم.

١ - مسند أبي يعلى: ١ / ٤٢٧. وقريب منه في المستدرك: ٣ / ١٣٩ وصححه، ابن أبي الحديد: ٤ / ١٠٧.
الرياض النضرة: ٣ / ١٨٤. مجمع الزوائد: ٩ / ١١٨. المناقب، الخوارزمي: ص ٣٦. كنز العمال: ١٣ / 176.
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»