وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٢٣٦
فالسلوكيات التي مارسها الصحابة في الجاهلية لا توجد في القادة الرساليين، ولم يحدث في تاريخ الرسالات الإلهية أن اختار الله مبلغا عنه بعد أن غرق في سلوكيات قومه المنحرفة.
يروي أهل السنة: إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبل بعثته أراد أن يلتحق بإحدى احتفالات قريش ليشاركهم الشرب واللهو... فأنامه الله في الطريق (1)!
ويروون إن الله بعث ملكين لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو صبي فاستخرجا علقة سوداء من قلبه وغسلاه ونقياه حتى يكون في أعلى درجات الكمال وخاليا من أية رواسب، وتعرف هذه بحادثة شق الصدر (2). قال طه عبد الرؤوف سعد في تعليقه على هذه الحادثة: " إن هذا التقديس وهذا التطهير كان مرتين، الأولى في حالة الطفولة لينقى قلبه من مغمز الشيطان، وليطهر ويقدس من كل خلق ذميم حتى لا يلتبس بشئ مما يعاب عليه الرجال، وحتى لا يكون في قلبه شئ... " (3).
ومع موقفنا الرافض لا مكانية حصول وصحة وقوع هاتين الحادثتين إلا أننا نتساءل: لماذا هذا الاهتمام من الله برسوله وحرصه أن لا يمارس سلوكا جاهليا ولو لمرة واحدة؟!
الجواب واضح، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمامه عملية تغيير كبرى، فحتى ينجح في تنفيذها ويتقبلها الناس: لابد أن يكون خاليا من أية أفكار مخالفة لها وحتى يكون مهيأ لاستقبال الوحي...
وهذه سنة إلهية اتبعها الله مع جميع رسله وسفرائه، فكيف يمكن أن يختار الله لتبليغ دينه أناسا جسدوا الجاهلية قولا وسلوكا، حتى تشبعت أجسامهم ونمت على الربا وشرب الخمر؟...!

1 - راجع مستدرك الحاكم: 4 / 245.
2 - راجع سيرة ابن هشام: ص 152.
3 - المصدر السابق: ص 153.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»