ضاعت وبقيت في صدور الصحابة؟! مع العلم أنه لا يجوز العمل بالمطلق قبل الفحص عن مقيده ولا العام قبل الفحص عن مخصصه، وكذلك يتوقف العمل بالنص إذا احتمل وجود ناسخ، ولكن كيف يمكننا أن نعرف: أن الأحكام التي وصلتنا غير مقيدة أو مخصصة أو منسوخة، والسنة التي تبين هذه الأمور مفقودة؟!
إن في هذا المنهج - منهج أهل السنة والجماعة - ضياعا لكثير من الآثار النبوية والتي لا يستغني عنها المسلم. فلو أن الله جعل هذا المنهج هو المعبر عن دينه لما سمح بضياع نص واحد، ومن هذا نعلم أن الله لم يختره، كما أن الله لم يقبض نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا بعد أن أكمل الدين وبين كل ما يحتاجه الناس. ولو أن الله جعل الصحابة سفراءه في التبليغ لاستلزم ذلك إبقاءهم أحياء حتى يخرجوا كل ما عندهم من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبذلك تبرأ ذمتهم أمام الله والأجيال ثم يقبضهم الله إليه.
ولو افترضنا - أيضا - أن الله اختار الصحابة لينقلوا دينه للناس، للزم ذلك عدم موت هذا الجم الغفير منهم والذي يقدر ب 114 ألف صحابي في عصر من العصور ويلزم ذلك، إذا سئل أحدهم عن أمر ما أن يجتمعوا من جميع أقطار الأرض ليتداولوا فيه ويطرحوا ما عندهم من سنن بخصوص المسألة المطروحة، ويبحثوا فيما إذا كان هناك مقيد أو مخصص أو ناسخ في تلك السنن وصولا إلى الجواب المطلوب. وإلا لو سئل أحدهم وأجاب حالا فلربما يقع في الخطأ وذلك لاحتمال وجود الناسخ أو المقيد أو المخصص مع صحابي آخر.
لكل هذا نقول: يجب على من يخلف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مهمته أن يكون على علم تام بالسنة النبوية وعلومها، وأن يتم تداول هذا العلم بين خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قيام الساعة. هذا ما يفرضه العقل والشرع.