وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٥٤
ولما خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حنين استخلف معاذا على أهل مكة ليعلم الناس القرآن ويفقههم في الدين (1). واختاره الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون قاضيا على اليمن (2) وروي أنه كان يفتي على عهد رسول الله (3).
وكان عمر يقول: " من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل " (4).
ولما خرج معاذ إلى الشام قال عمر: " لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها في الفقه، وفيما كان يفقههم به " (5).
" وقد كان لمعاذ بن جبل (رضي الله عنه) نشاط علمي في كثير من أقطار الدولة الإسلامية، ففي أي بلد حل اتخذ له مجلسا في مسجد يفقه الناس ويفتيهم ويعلمهم أمور دينهم " (6).
قال أبو مسلم الخولاني: " أتيت مسجد دمشق، فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإذا شاب فيهم أكحل العين، براق الثنايا، كلما اختلفوا في شئ ردوه إلى الفتى، قال: قلت لجليس لي: من هذا؟ قال هذا معاذ بن جبل " (7).
بعد هذا، هل نصدق أن ما أخذه معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 155 حديثا؟! من قال هذا فهو مزر بمعاذ، ومن قال إن عنده الكثير، قلنا له: أين هذا الكثير؟ وأين علم الحلال والحرام الذي احتمله معاذ؟
أليس من المؤسف أن تجدوا السنن التي أخذها معاذ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي جعلت منه مفتي الصحابة وأعلم الأمة بالحلال والحرام: في صدر معاذ لا غير!

١ - المستدرك: ٣ / ٢٧٠.
٢ - سنن أبو داود: ٣ / ٢٠٣، سنن الترمذي: ٣ / ٦١٦.
٣ - سير أعلام النبلاء: ١ / 452.
4 - المصدر السابق.
5 - المصدر السابق.
6 - ثلة من الأولين، محمد أبو فارس: ص 277.
7 - صفة الصفوة: 1 / 490.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»