وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٦٣
أما قوله " حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث... وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار... " فهو يعني أن الله لم يختر الصحابة لتبليغ دينه لأنه (1) يعلم أن السفر والجهاد والاشتغال بالعبادة والتوقي في الحديث سيمنعهم من الرواية!! وهذا ما لا يقبله المنطق السليم، فالله لا يقبل بهذا لأن إبقاء السنن في صدورهم معناه إضعاف الإسلام وتعطيل مواده!
وهذه الأسباب التي ذكرها، ليست بمانع للرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالصحابة لم يكونوا منشغلين بالعبادة والأسفار في الجهاد مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومع ذلك استطاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يوصل الإسلام كاملا.
ويعترف رشيد رضا السلفي بضياع السنن حيث قال: " ونحن نجزم بأننا نسينا وأضعنا من حديث نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) حظا عظيما!!!! لعدم كتابة علماء الصحابة كل ما سمعوه ولكن ليس منه ما هو بيان للقرآن أو من أمور الدين " (2).
لا أدري كيف علم رشيد رضا بأن هذه الأحاديث المنسية الضائعة ليست مما هو بيان للقرآن وأمور الدين وهي مفقودة؟! فإذا كان قد اطلع عليها فهي ليست ضائعة!
فقوله هذا مجرد ظن لا يعول عليه.. ولذلك فنحن نقبل شهادته ولا نقبل تأويله. وقال محمد محي الدين عبد الحميد: " فأما سنة رسول الله فلم تكتب، وليس فيهم - أي الصحابة - من يدعي حفظها جميعها ولا أكثرها، وكل واحد منهم قد فاته من قول الرسول أو فعله الشئ الكثير " (3).
وقول محيي الدين بأن كل صحابي قد فاته من سنة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الشئ الكثير، هو اعتراف ضمني بضياع السنن.
ويعترف أبو شهبة صاحب كتاب - دفاع عن السنة - بضياع السنة والأخبار،

1 - ذكر قوله أبو رية في الأضواء: ص 50.
2 - من تقديمه لكتاب توضيح الأفكار، الصنعاني: ص 15.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»