فبعد ان ذكر أن أكثر الصحابة من الأعراب قال عنهم بأنهم: " حضروا حجة الوداع ثم رجعوا إلى البادية فلم يعلم عنهم خبر وكثير منهم مات في حروب الردة، وفي الفتوحات في عهد أبي بكر وعمر (1) وفي الطاعون العام كعمواس وغير ذلك، وكل هذا من أسباب خفاء الأسماء وضياع الأخبار!! " (2).
فتأمل عبارته " وضياع الأخبار "!! إنها تتضمن المعنى نفسه في قولنا: ضياع السنة، ولكن اللفظ مختلف!!
والآن بعد أن أثبتنا ضياع الكثير من السنة نأتي للسؤال التالي: هل حمل الله الصحابة سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) لينقلوها لمن بعدهم؟!
أرى أن الجواب واضح، فلو جعل الله الصحابة نقلة الدين، لكان عالما بتضييع سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) - والعياذ بالله - لأن كثيرا من السنن سواء كانت تشريعية، أو عقائدية أو أخلاقية قد بقيت في صدور أولئك المائة وعشرة آلاف صحابي، فكيف يمكن التصديق بأن الله (3) قد اختارهم لتبليغ دينه، وهو يعلم بذهاب السنن معهم وضياعها؟!! ولابد من القول أن الله قد اختار لتبليغ دينه بعد نبيه أناسا قد حفظوا السنة ووعوها، لكي تنقل هذه السنة المدونة من شخص مختص بها إلى غيره، وهذه أضمن طريقة لبقاء الإسلام.
ألا ترى أن الإسلام كان موجودا بوجود الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بحيث إذا ذهب تفرقت الأمة؟
أما القول: إن الله قد وزع دينه على 114 ألف صحابي ليبلغوه للناس - مع علمه بأنه لن يروى إلا عن 1565 منهم - فهو افتراء باطل على الله عز وجل شأنه العظيم!
وينبغي - لقارئنا الكريم - أن يعرف: أن هذه السنن التي بقيت في صدور الصحابة، فيها المقيد والمخصص والناسخ والمفصل، وهذا مما يجعلنا أمام مشكلة كبرى، فمن يدري، بأننا ربما نمارس بعض الأحكام المقيدة أو المخصصة أو المنسوخة بالسنن التي