وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٦٢
ولا شك في أن هناك كثيرا مما لم يصل إلينا من السنن التي تفرد بها الصحابة الأكثر اتصالا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كأبي بكر وعمر وعلي وعثمان (1) وابن مسعود، وسلمان الذي كان له مجلس متميز من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
يقول ابن تيمية: " وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحدث، أو يفتي أو يقضي، أو يفعل الشئ، فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا ويبلغه أولئك - أو بعضهم - لمن يبلغون فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ثم في مجلس آخر قد يحدث أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل شيئا، ويشهده بعض من كان غائبا عن ذلك المجلس ويبلغونه لمن أمكنهم فيكون عند هؤلاء من العلم ما ليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء " (2).
وقال ابن سعد في طبقاته: " قال محمد بن عمر الأسلمي: إنما قلت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم ماتوا قبل أن يحتاج إليهم "!! وقال: " ومنهم من لم يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا ولعله أكثر له صحبة ومجالسة وسماعا من الذي حدث عنه!! ولكنا حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث... وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار في الجهاد في سبيل الله حتى مضوا فلم يحفظ عنهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شئ " (3).
تأمل أخي القارئ في هذه الشهادة؟ ألا تعني أن هناك صحابة لم يرووا شيئا مع أنهم أكثر سماعا وصحبة ممن رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وأليس هذا اعترافا منه بضياع السنن وإن لم يصرح بذلك؟!

1 - يقول محمد زهو في الحديث والمحدثون: ص 147 " الاشتغال بالخلافة والحروب عامة عاق كثيرا من الصحابة عن تحمل الحديث وروايته كما في الخلفاء الأربعة وطلحة والزبير " فزهو يعترف أن عند هؤلاء سننا لم تصل إلينا!!
2 - رفع الملام.
3 - راجع حجية السنة: ص 150.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»