هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٨٣
3 - عروبة الخليفة:
ومما يتصل بموضوع اللغة إنه بالنظر لأهمية اللغة العربية في موقعها من الشريعة الذي يتضح من اختيار السماء لها لتكون الظرف الحامل للفكر الإسلامي ولما كرم الله تعالى به هذه اللغة في كتابه إذ يقول في الآية الثانية من سورة يوسف:
* (وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) * ويقول في الآية السابعة والثلاثين من سورة الرعد * (وكذلك أنزلناه حكما عربيا) * الأمر الذي أجمع معه مفسروا القرآن الكريم على أن القرآن حكمة عربية ومحاوراته على نسق محاورات العرب وأساليبهم، وإذا شئت قلت إنه أخذ مشاعر العرب وخواصهم الحضارية عندما اختار لغتهم ولم يختص أو يتأطر بهم لأن رسالة الإسلام عالمية ولكن الله تعالى جعل اللغة العربية هي القناة التي ينقل الدين القويم عن طريقها للناس ولأجل ضمان حفظ خواص الرسالة ذهب كثير من الفرق الإسلامية إلى ضرورة كون الخليفة عربيا. لا لسبب آخر قد يفهم منه معنى عنصري فرسالات السماء منزهة عن ذلك وقد انشطرت الفرق الإسلامية في اشتراط عروبة الخليفة إلى شطرين: وكان الشيعة من الشطر الذي يؤكد على عروبة الخليفة لقول النبي (ص): " الأئمة من قريش " (1) في حين ذهب كثير من المسلمين غير الشيعة إلى عدم اشتراط هذا الشرط. ويبدو أن هذا المعنى يبتدئ من الخليفة الثاني نفسه حيث قال:
لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة الجراح ولو كان سالم حيا ما جعلتها شورى (2).
وواضح من ذكره لسالم أن الخليفة لا يشترط عروبة الخليفة وإلا لنص على العرب فقط وقد ذهب لذلك أيضا مشاهير المعتزلة مثل ضرار بن عمر وثمامة بن أشرس والجاحظ وكثير غير هؤلاء (3).

(1) الفصل بين الملل والنحل ج‍ 4 ص 89.
(2) طبقات ابن سعد ج‍ 3 ص 343.
(3) ضحى الإسلام ج‍ 1 ص 62.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»