ولم يكن جابر من أتباع محمد بن عبد الله بن الحسن، ولا كان يقول برجعة مطلق الأموات وإنما كان يقول برجعة بعض أهل البيت لروايات سمعها ليس إلا، وهكذا يكون التحقيق عند أمثال ابن طاهر من الكتاب كأن مسألة العقائد أمر بهذه السهولة بحيث ينسب للناس ما لم يقولوه ويرجعهم إلى فئة ليسوا منها.
وأعود لموضوع الغلاة فأقول قد اتضح للقارئ موقف الشيعة من الغلاة ولكن مع ذلك تجد باحثا كالزبيدي صاحب تاج العروس يعرف الإمامية في كتابه التاج فيقول: الإمامية هم فرقة من غلاة الشيعة (1)، وتجد الدكتور محمود حلمي في كتابه تطور المجتمع الإسلامي العربي يقول: وقد سموا بالشيعة لأنهم شايعوا عليا وقدموه على سائر أصحاب رسول الله (ص) واستشهد أهل الشيعة بنصوص من القرآن الكريم فسروها على حسب نظريتهم وغالى بعض الشيعة في تبرير أحقية علي بن أبي طالب وأضفى عليه بعض صفات التقديس والألوهية (2) إنك لتستغرب لهجة هؤلاء الكتاب خصوصا بعض كتاب مصر فإنهم يصورون الشيعة كأنهم أناس لا إيمان لهم ولا دين يتلاعبون بالنصوص من دون رقيب من الله تعالى ولا ضوابط من علم وخلق: وإنهم والله أولى بذلك، وإلا فما الدليل على ما ذكره محمود حلمي وهذه كتب الإمامية بين يديه فليدلنا على مكان تنسب فيه الشيعة الحلول والألوهية إلى علي وسوف لا يجد ذلك قطعا إنهم يصدرون فيما يقولون عن عدم شعور بالمسؤولية: * (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذبا) * الكهف / 5 والأنكى من ذلك أن تجد من تأثر بهؤلاء الكتاب من قريب أو بعيد وهو من الشيعة وتراه يكتب بنفس الأسلوب ورحم الله من يقول:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة * على المرء من وقع الحسام المهند يقول الدكتور كامل مصطفى في كتابه: وبذلك يتبين أن الغلاة وإن كانوا مغضوبا عليهم من الشيعة المعتدلين وأئمتهم: قد أسسوا العقائد الأصلية للتشيع