هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ١٠٥
مثال ثالث وسترد علينا أمثلة لذلك، ولكني أستعجل لك مثلا واحدا منها يعيش في القرن العشرين في عصر الذرة وتحت أروقة جامعة حديثة وهو محمد حسن هيتو محقق كتاب المنخول للغزالي فإن هذا الرجل عندما يمر ببعض المواقف الحدية للغزالي من بعض المذاهب الإسلامية كالإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل والإمام أبي حنيفة فيذكر بعض آرائهم ناقدا لها حينا ومستهجنا حينا آخر، مثلا يذكر الغزالي عن أبي حنيفة رأيه في أقل الصلاة وهي: وضوء بالنبيذ في أولها وحدث في آخرها للخروج منها وبين ذلك نقر كنقر الغراب واكتفاء من القراءة بكلمة مدهامتان باللغة الفارسية إلى آخر ما ذكره عن أقل الصلاة في رأي أبي حنيفة، وكما ذكر رأي مالك بجواز قتل ثلث الناس إذا كان ذلك يؤدي إلى صلاح الثلثين الباقيين، وهكذا آراء بعض الأئمة التي ذكرها.
إننا في مثل هذا نرى محمد حسين هيتو يقع في ورطة فلا يدري أينفي ذلك وفيه تكذيب للغزالي، أم يثبت ذلك وفيه طعن على أئمة المذاهب، فتراه مرة يقول إن هذه الأقوال نتيجة لمرحلة مر بها الغزالي، وتخلص منها بعد ذلك، ومرة يقول إن الغزالي فرد من مدرسة تؤيد أهل الحديث وتطعن في أهل الرأي وإن ذلك تعصب أقلع عنه الغزالي بعد ذلك كما هو واضح في مؤلفاته التي صدرت بعد ذلك كالمستصفى المتأخر عن المنخول، على أن هذا الاعتذار لا يحل المشكلة التي هو كون الغزالي إما صادقا وإما كاذبا. إن الذي يعنينا هنا أن هيتو إذا مر الغزالي بالرافضة وشتمهم لا نجده يعلل ذلك الشتم بعصبية أو غيرها كأن الشيعة يستأهلون الشتم بدون نزاع وكأن الحرص على وحدة المسلمين ليس من موارده هذا المورد هنا إذا كان الشيعة مسلمين في نظر هؤلاء وإلا فالمسألة سالبة بانتفاء الموضوع كما يقول علماء المنطق، وعلى كل ألفت النظر إلى ما كتبه هيتو عن الغزالي (1): والله المستعان على ما يصفون.

(١) المنخول للغزالي ص 354، و 488.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»