فلا دهر يخلقه ولا زمان يبليه، ولا وصف يحيط به، وقد خضعت له الرقاب الصعاب في محل تخوم قرارها، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها، مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته، وبعجزها على قدرته، وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه، فلا لها محيص عن إدراكه إياها، ولا خروج من إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا امتناع من قدرته عليها.
كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركب الطبع عليها دلالة، وبحدوث الفطر عليها قدمة، وبإحكام الصنعة لها عبرة، فلا إليه حد منسوب، ولا له مثل مضروب، ولا شيء عنه محجوب، تعالى عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا. (1) 5503. عنه (عليه السلام): الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول أن تتخيل ذاته؛ لامتناعها من الشبه والتشاكل، بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته، ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله.
فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لا على وجه الممازجة. وعلمها لا بأداة، لا يكون العلم إلا بها. وليس بينه وبين معلومه علم غيره به كان عالما بمعلومه. إن قيل: كان، فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل: لم يزل، فعلى تأويل نفي العدم. (2)