لقد نسب النور إلى الله في القرآن الكريم بأشكال متنوعة كما أشير إلى ذلك، فوصف الله بالنور تارة، وعد النور من مخلوقات الله تارة أخرى، وقد فسر المرحوم الشيخ الصدوق (رحمه الله) النور في الآية، التي وصفت الله سبحانه بالنور، أنه المنير، فقال: النور معناه المنير، ومنه قوله عز وجل: (الله نور السموات والأرض) (1) أي:
منير لهم وآمرهم وهاديهم، فهم يهتدون به في مصالحهم، كما يهتدون في النور والضياء، وهذا توسع (2). وفي الحديث المنقول عن الإمام الرضا (عليه السلام): " هو نور، بمعنى أنه هاد لخلقه من أهل السماء وأهل الأرض " (3).
إن إطلاق اسم النور على الله سبحانه لا يعني النور الحسي؛ لأن الله - جل شأنه - ليس بجسم، بل كما أن النور ظاهر بذاته ومظهر الأشياء الأخرى ومنيرها فكذلك الله تعالى: ليس فيه ظلمة، وهو مظهر الأشياء الأخرى ومنيرها.
يمكن أن نقدم احتمالين في تفسير ظاهرية الله الذاتية، الأول: إن المراد من فقدان الظلمة في الذات الإلهية هو أن الله فاقد كل نقص، كما في الدعاء: " يا موصوفا بغير كنه... وموجد كل موجود، ومحصي كل معدود وفاقد كل مفقود " (4). والثاني هو نفس ما قلناه في كلامنا حول اسم " الظاهر ".
إن ثمة احتمالين أيضا يتسنى عرضهما في تفسير إظهار الله الأشياء الأخرى، الأول: إن الله سبحانه هو أصل الموجودات الأخرى ومصدرها، والآخر: إنه تعالى هادي الأشياء الأخرى، وهذه الهداية يمكن أن تكون بالمعنى التكويني