صادقين) (١).
إذا لا يمكن افتراض الكذب في القرآن، لأنه جاء على سبيل التحدي والإعجاز، لقوله تعالى: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا﴾ (٢)، هذا أولا.
وثانيا: أن هذا القول يستلزم منه اتهام الصحابة بفقدانهم القدرة على التمييز بين كلام الله وكلام رسوله.
ولو احتملنا إمكان حصول التباسه على البعض منهم لكان على الخليفة أن يطلب شاهدا آخر كي يثبت أنها من القرآن.
وعليه، فهذا التعليل غير مقنع، لإمكان علاجه بالتثبت من الآية، ولا يحتاج إلى تعطيل السنة النبوية من أجله، ولأجله لم نر الخليفة الأول يتخذ هذا التعليل في المنع، بل ذهب إلى تعليل آخر، لكونه واهيا حسب نظره.
وثالثا: أن المسلمين كانوا قد عرفوا القرآن وحفظوه، فكانوا لا يمسونه بدون طهارة، لقوله تعالى: ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾ (3)، وكانوا يتهادون آياته ويرتلونها آناء الليل وأطراف النهار.
فلو كانت عنايتهم بالقرآن إلى هذا الحد، فهل يمكن التخوف عليه واحتمال اختلاطه بالسنة؟!
والآن لنطرح سؤالا طالما سمعناه من الأعلام في كلماتهم وأقوالهم، إذ قال ابن حزم وغيره: (وهذا ما لا يحل لمسلم أن يظنه بمن دون عمر من عامة