منع تدوين الحديث - السيد علي الشهرستاني - الصفحة ٢٤
المسلمين فكيف بعمر...).
واستبعد آخرون هذا الأمر كذلك وضعفوا تلك الأخبار، لعدم إمكان تطابقها مع مقام الخليفة.
والآن لنبحث عن إمكان تطابق هذا الخبر معه أولا، وهل أن منع تدوين الحديث هو نبوي أم جاء من قبل الخلفاء لظروف مروا بها؟! وأن هذا المنع يتجانس مع أي الاتجاهين؟!
للإجابة عن هذا السؤال وغيره لا بد من تقديم مقدمة، وهي: أنا نعلم بأن البحث الإسنادي لا يكفي وحده في الدراسات، بل يلزم دراسة المتن معه كذلك، لأن الأسانيد قد خضعت للأهواء، فترى ابن معين وأحمد بن صالح مثلا يجرحون الإمام الشافعي، وفي تاريخ بغداد ج 13 اسم أكثر من 35 شخصا طعنوا في الإمام أبي حنيفة، وفي المجلد الأول منه أسماء الذين طعنوا في الإمام مالك، وقد جرح الحافظ العراقي (شيخ ابن حجر) في الإمام أحمد بن حنبل، وقد طعن البخاري والنسائي وغيرهم كذلك.
وقال ابن خلدون في مقدمته: (وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع، لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا، لم يعرضوها على أصولها ولا قاسوها بأشباهها ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط) (1).
وقال الشريف المرتضى من علماء الإمامية في جواب ما روي في الكافي عن الصادق في قدرة الله: (إعلم أنه لا يجب الإقرار بما تضمنه الروايات، فإن

1 - مقدمة ابن خلدون: 16 / المقدمة.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست