مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٥٥١
ولهذا كان من صفات المقربين ومقامهم أنهم يطيعون الله تعالى، لله فقط، بقطع النظر عن معرفتهم للنفع والضرر، والمصلحة والمفسدة.
النقطة الثانية، يجب على من لا يقدر على استنباط الأحكام أن يقلد مرجعا بما أن محافظة الإنسان على صحته وسلامته، تتوقف على رعايته لقوانين طبية ومقررات صحية، فلابد لمعرفتها أن يكون هو طبيبا، أو يراجع طبيبا موثوقا فيعمل بتعاليمه، أو يعمل بالاحتياط فيتجنب كل ما يحتمل أنه مضر بصحته حتى يعرف حكمه، أو يجد من يعرف ذلك ويسأله.
بل إن التقليد من ضرورات حياة الإنسان، سواء في ذلك الجاهل والعالم.
أما احتياج الجاهل إلى التقليد فواضح، وأما العالم فلأن دائرة تخصص كل عالم ومتخصص لا تشمل إلا جزء يسيرا من دائرة حاجات حياته، فعالم الطب مثلا لابد أن يقلد المهندس والمعمار في بناء بيته، ويقلد خبير السيارات في تصليح سيارته، وعندما يركب الطائرة فهو يقلد الطيار، وإذا ركب الباخرة فهو يقلد الملاح، بل مع تشعب علم الطب، فإن متخصص العضو أو القسم من أعضاء الإنسان، لابد له أن يقلد طبيبا آخر في غير مجال تخصصه.
والنتيجة أن حياة أي إنسان لا تتم إلا بالتقليد.
وعلى هذا، فالإنسان الذي يؤمن بدين، ويعلم أنه عين له تكاليف وشرع له واجبات ومحرمات، فهو بحكم عقله وفطرته ملزم أن يختار لمعرفتها أحد طرق ثلاثة: إما أن يحصل له العلم بها، أو يقلد مرجعا، أو يعمل بالاحتياط.
وعندما لا يكون عالما ولا عاملا بالاحتياط، فطريقه منحصر في تقليد مرجع متخصص فيها، وفي صورة اختلاف آراء المراجع المتخصصين
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 » »»