مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٧٣
أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين (عليهما السلام) فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل (1).
وقد روت الخاصة والعامة ما رؤى من آثار سواد في ظهره من حمل جرب الدقيق على ظهره ليلا، وإيصالها إلى فقراء المدينة سرا (2).
إن من شغله اضطراب خادمه في قتل ولده عن مصابه بابنه فأسكن روعته بتسليته، واعتذر عنه بأنك لم تكن متعمدا وأعتقه، والذي لم يتحمل أن يرى عينا باكية من هم الدين، فجعل دينه على نفسه، والذي ينفق على من يشتمه ولا يعرفه بنفسه لكيلا يرى ذل الانكسار في وجه شاتمه، والذي يحمل على ظهره الدقيق والحطب للأيتام والمساكين، ويبسط رحمته على الإنسان والحيوان، ويموت وعلى جبهته وظهره الثفنات التي تكشف عن إفناء نفسه في عبادة الله، والإحسان إلى عيال الله، ولا يشغله شأن عن شأن، يليق بأن يطلق عليه إمام الإنسان وحجة الله على الإنس والجان.
والذي يحير العقول في عظمته (عليه السلام) أنه مع استغراقه في معرفة الرب بأدعيته، وانشغاله في عبادته بإحياء الليل وصيام النهار، وأداء حقوق الخلق على ما في رسالته في الحقوق التي أعطت كل ذي حق حقه، يقول: وأما رحمة الله فإن الله تعالى يقول: إنها قريبة من المحسنين، ولا أعلم أني محسن (3).
كان يعظ الناس في كل جمعة في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويقول:
أيها الناس اتقوا الله واعلموا أنكم إليه ترجعون، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير

(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»