مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٣٠
يا أبا ذر، إن الله عز وجل عند لسان كل قائل، فليتق الله أمره وليعلم ما يقول.
يا أبا ذر، إن أحبكم عند الله جل ثناؤه أكثركم ذكرا له، وأكرمكم عند الله عز وجل أتقاكم له، وأنجاكم من عذاب الله أشدكم له خوفا.
يا أبا ذر، من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر، قلت: وما الثلاث فداك أبي وأمي؟ قال: ورع يحجزه عما حرم الله عز وجل عليه، وحلم يرد به جهل السفيه، وخلق يداري به الناس.
يا أبا ذر، إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وإن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق الله، وإن سرك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يد الله عز وجل أوثق منك بما في يدك.
يا أبا ذر، لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره} (1).
يا أبا ذر، طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة، وأذل نفسه في غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذل والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة.
طوبى لمن صلحت سريرته، وحسنت علانيته، وعزل عن الناس شره.
طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله (2).
* ولا عجب بأبي ذر الذي اتعظ بهذه المواعظ، وتأدب بهذه الآداب، أن يقابل الباطل بالحق، ولا يؤثر فيه التهديد حتى أبعد عن دياره، وتحقق ما قاله الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه: يعيش وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده، ويدخل الجنة وحده (3).

(١) سورة الطلاق: ٢ و ٣.
(٢) بحار الأنوار ج ٧٤ ص ٧٤ بتفاوت في مكارم الأخلاق ص ٤٥٩.
(٣) اختيار معرفة الرجال ج ١ ص ٩٨، أبو ذر 48.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»