مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٣١
ولم يؤثر فيه التطميع، فقد أرسل إليه عثمان موليين له ومعهما مائتا دينار، فقال لهما: انطلقا إلى أبي ذر، فقولا له: إن عثمان يقرؤك السلام، ويقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك. فقال أبو ذر: هل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني؟ قالا: لا، قال: إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين، قالا له: إنه يقول هذا من صلب مالي، وبالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام، ولا بعثت بها إليك إلا من حلال، فقال: لا حاجة لي فيها، وقد أصبحت يومي هذا وأنا من أغنى الناس. فقالا له: عافاك الله وأصلحك ما نرى في بيتك قليلا ولا كثيرا مما يستمتع به! فقال: بلى، تحت هذا الإكاف الذي ترون رغيفا شعير قد أتى عليهما أيام... (1).
وأرسل عثمان مع عبد له كيسا من الدراهم إلى أبي ذر، وقال له: إن قبل هذا فأنت حر. فأتى الغلام بالكيس إلى أبي ذر وألح عليه في قبوله، فلم يقبل، فقال:
اقبله فإن فيه عتقي، فقال: نعم، ولكن فيه رقي (2).
التحاقه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق الأعلى قبض (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما ذكره شيخ الطائفة في التهذيب (3) مسموما، يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشرة من الهجرة.
ونعتذر من إيراد ما جرى عند وفاته، ونقتصر على بعض ما روته الصحاح والمسانيد:

(١) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ج ١ ص ١١٨، أبو ذر ٥٣.
(٢) الكشكول للبهائي ج ١ ص ٢٠٨.
(٣) تهذيب الأحكام ج ٦ ص ٢ كتاب المزار باب 1.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»