مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢١١
إلهي أرني الأشياء كما هي، وعرفني نفسي، وأنها من أين، وفي أين، وإلى أين.
وتعطش الإدراك الإنساني لا يرتفع إلا بالوصول إلى عين الحياة من العلم الإلهي، وإلا فإن عاقبة الحكمة والفلسفة أيضا هي حيرة الكمل بأن يعلمون أنهم لا يعلمون.
لهذا كان من الضروري وجود إنسان له الطريق إلى عين الحياة وينابيع العلم والحكمة، ليروي بيده العطاشى إلى الحقيقة، فيتحقق بذلك الغرض من خلق العقل والإدراك، كما قال الإمام (عليه السلام) في النص المعتبر (من زعم أن الله يحتج بعبد في بلاده، ثم يستر عنه جميع ما يحتاج إليه، فقد افترى على الله) (1).
نعم إن الظن بأن الله جعل إنسانا حجة على العباد، ثم يحجب عن حجته ما يحتاج إليه العباد ولا يعلمه، افتراء على الله تعالى نشأ من عدم المعرفة بالعلم والقدرة والحكمة غير المتناهية، ومن هنا قال: " وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ".
(د) (وألبسه تاج الوقار) تاج الوقار الذي على رأس الإمام (عليه السلام) هو العلم والقدرة، فعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في جواب من سأله عن علامة الإمام فيما هي؟ قال:
(في العلم، واستجابة الدعوة) (2)، وذلك أن منشأ الاضطراب والخفة في الإنسان هو الجهل والعجز، وبما أن الإمام معلم لكتاب الله - وهو لا يفارقه بنص حديث الثقلين - والكتاب تبيان لكل شئ - بمقتضى قوله تعالى: {و نزلنا عليك الكتب

(١) بصائر الدرجات ص ١٢٣ الجزء الثالث نادر من الباب ح 4.
(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 ص 200 باب 46 ح 1.
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»