مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٠٨
مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاءت الإرادة من الله فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدة والده فمضى، وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فصل بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لأهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، واستحفظه علمه، واستخبأه حكمته، واسترعاه لدينه، وانتدبه لعظيم أمره، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل، وتحيير أهل الجدل، بالنور الساطع، والشفاء النافع، بالحق الأبلج، والبيان اللائح من كل مخرج، على طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه.
فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي، ولا يجحده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا " (1).
إن كل جملة في هذه الخطبة الشريفة تحتاج إلى شرح مفصل، ونكتفي في هذا الموجز ببيان بعض النقاط منها:
(أ) جعل الإمام (عليه السلام) موضوع خطبته أئمة الهدى، لوضوح ضرورة وجود الإمام للأمة {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} (2).

(١) الكافي ج ١ ص ٢٠٣ كتاب الحجة باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته ح ٢.
(٢) سورة الإسراء: ٧١.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»