مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١٥٢
المطهرون} (1)، {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثل نضربها للناس لعلهم يتفكرون} (2).
ثم إن وصف العترة بنفس ما وصف به القرآن يفيد أن العترة في كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) عدل للقرآن وشريك للوحي، ولا يمكن أن تكون العترة عدلا للقرآن - في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو ميزان الحقيقة - إلا إذا كانت العترة، فيما وصف الله الكتاب بقوله: {تبينا لكل شئ} (3) شريكا لعلم القرآن، وفيما وصف الله القرآن بقوله:
{لا يأتيه البطل من بين يديه ولا من خلفه} (4) شريكا في عصمته.
(2) يدل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " لن يتفرقا " على التلازم الدائم بين القرآن والعترة، بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر، وذلك أن القرآن الكريم كتاب أنزل لكافة أفراد البشر على اختلاف مستوياتهم وقابلياتهم، فكانت عباراته للعوام، وإشاراته للعلماء، ولطائفه للأولياء، وحقائقه للأنبياء (عليهم السلام).
إنه كتاب يستضئ بنور هدايته أدنى أفراد البشر، الذي لا هم له إلا الأمور المادية، إلى أعلى الأفراد، الذي لا يهدأ اضطراب روحه إلا بالاطمئنان بذكر الله تعالى، ولا ضالة له إلا الأسماء الحسنى والأمثال العليا، وتحمل اسم الله الأعظم.
إن هذا القرآن كالشمس، يستشفي المصاب بالبرد بحرارتها، ويحتاجها الزارع لنمو زرعه، ويبحث العالم الطبيعي في تأثير أشعتها على الأحياء والنبات

(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»