لكي يبين لهم الذي اختلفوا فيه، من أعمق المسائل الأصولية في المبدأ والمعاد - التي ما زالت تشغل أفكار نوابغ العلماء في حلها - إلى كل ما يبتلى به في المسائل الفرعية كتنازع المرأتين في رضيع تدعي كل واحدة منهما أنها أمه.
فهل يعقل أن نقول: إن مهمة هذا القرآن في هداية الناس وتربيتهم وحل مشاكلهم ورفع اختلافاتهم قد انتهت برحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
فهل ترك الله ورسوله هذا الكتاب المبين لكل ما يحتاج إليه البشر، من دون أن يعين له مبينا؟!
ومن هنا، فإن تصور حقيقة القرآن الحكيم المنزل من عند العليم الحكيم على النبي الذي من الله ببعثه على المؤمنين، ليتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، يستلزم التصديق بوجود معلم إلهي، ومفسر رباني، عنده علم الكتاب الذي أنزله الله تبيانا لكل شئ.
وهل يقبل عاقل أن الله ورسوله قد أوكلا تعيين المبين لدين الله إلى الذين يجهلون علوم القرآن وأسراره، وقوانين الإسلام وأهدافه؟!
الوجه الثاني:
إن الإمامة للإنسان عبارة عن الإمامة والقيادة لعقل الإنسان، لأن موضوع بحث الإمامة من يكون إماما للإنسان، وإنسانية الإنسان بعقله وفكره (دعامة الإنسان العقل) (1).
ففي نظام خلقة الإنسان تحتاج قواه وأعضاء بدنه إلى توجيه حواسه، وتحتاج أعصاب حركته إلى أعصاب حسه.. لكن الذي يوجه الحواس ويميز