مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١٥١
والأب الجسماني واسطة لإفاضة الأعضاء والقوى الجسمانية، والأب الروحاني واسطة لإفاضة القوى والأعضاء الروحانية من العقائد الحقة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.
ولا تقاس الواسطة في إفاضة السيرة الروحانية والصورة العقلانية بالواسطة في إفاضة الصورة المادية والهيئة الجسمانية، كما لا يقاس اللب بالقشر ولا المعنى باللفظ، ولا اللؤلؤ بالصدف.
هذا الأب العظيم للأمة أخبر أمته عن رحيله، وأن ربه تعالى سيدعوه إلى جواره فيجيبه ويفارقهم (كأني قد دعيت فأجبت) وأكد عليهم أن تركتي فيكم وحصيلة عمري وثمرة وجودي، شيئان (كتاب الله، وعترتي).
فالكتاب هو رابط الأمة بربها، والعترة هي رابطة الأمة بنبيها، فانقطاع الأمة عن القرآن انقطاع عن الله تعالى، وانقطاعها عن العترة انقطاع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والانقطاع عن النبي انقطاع عن الله تعالى.
وقد كان يكفي لبيان عظمة القرآن والعترة مجرد إضافتهما إلى الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن المضاف يأخذ قيمته من المضاف إليه، لكن مع ذلك وصفهما (صلى الله عليه وآله وسلم) ب‍ (الثقلين) ليدل على جوهرهما الغالي ووزنهما الثقيل، فنفاسة القرآن الكريم، وثقل وزنه المعنوي فوق إدراك العقول، لأن القرآن تجلي الخالق لخلقه، ويكفي لدرك عظمته التأمل في هذه الآيات: {يس * والقرآن الحكيم (1) ق * والقرءان المجيد} (2)، {إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا

(١) سورة يس: ١ - ٢.
(٢) سورة ق: ١ - 2.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»