مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١٥٣
والمعادن، ويبحث العالم الرباني في تأثيرها على الأرض ومواليدها، وفي السنن والقوانين التي تنظم بعدها عن الأرض وقربها، وطلوعها وغروبها، فيجد ضالته وهو الخالق المدبر للشمس.
إن مثل هذا الكتاب الذي جاء لجميع أفراد البشر، والمتكفل لكل ما تحتاج إليه الإنسانية في الدنيا والبرزخ والآخرة، لابد له من معلم عالم بكل ذلك، فإن الطب بلا طبيب، والعلم بلا معلم ناقص، وكذلك القانون - خاصة القانون الإلهي الذي به نظم أمور المعاش والمعاد - بلا مفسر مناسب له ناقص ومناف لقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} (1)، وناقض للغرض من نزول هذا الكتاب ويخالف قوله تعالى: {و نزلنا عليك الكتب تبينا لكل شئ} (2). والحكيم على الإطلاق يستحيل أن ينزل دينا ناقصا، أو ينقض غرضه من تنزيله! ولذا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (لن يتفرقا).
(3) في بعض صيغ حديث الثقلين (لن تضلوا إن اتبعتموهما) واهتداء الإنسان - من جهة خصوصية خلقه - سبب لسعادته الأبدية، وضلاله سبب لشقائه الأبدي، وذلك أن الإنسان - كما أشرنا سابقا - عصارة موجودات العالم، فهو مخلوق دنيوي، وبرزخي، وأخروي، وملكي، وملكوتي، وهو مرتبط بعالم الخلق، وعالم الأمر، وهو مخلوق من أجل البقاء لا الفناء.
والهداية اللازمة لمخلوق من هذا النوع هداية خاصة، لا تتيسر إلا بتعليم

(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»