مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٨٤
4 - الرد على الشبهات والتشكيكات التي كان يلقيها أعداء الإسلام ويوجهونها ضد الدعوة الإسلامية.
5 - الحفاظ على الرسالة الإلهية من أية محاولة تحريفية، ومن أي دس في التعاليم المقدسة.
فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بهذه الأمور معتمدا على الوحي، فيجب أن يقوم من ناب بها عنه بتعليم غيبي حتى لا يطرأ خلل في الحياة الدينية.
وعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه، وهو إذا كان النبي صلى الله عليه وآله و سلم قائما بهذه الوظائف العلمية والفكرية معتمدا على الوحي، فكيف يقوم غيره مقامه مع انقطاع الوحي والسفارة من الله سبحانه. والإجابة عن هذا واضحة، فإن الفيض الإلهي لم يزل يمد عباده الصالحين وإن لم يكونوا رسلا وأنبياء، وهذا هو الذي يعبر عنه بالمحدث، فيلهم إليه وإن لم يكن نبيا من عند الله، وهذا هو مصاحب موسى يعرفه سبحانه بقوله: * (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) *. (1) فعلى ذلك فالإشراقات الإلهية على قلوب الصالحين لا تلازم النبوة والرسالة، بل يكفي أن يكون إنسانا مثاليا، وهذا هو جليس سليمان يصفه سبحانه بقوله: * (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي) *. (2) وهذا الجليس لم يكن نبيا، ولكن كان عنده علم من الكتاب، وهو لم يحصله

(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»