مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٨٥
من الطرق العادية بل كان علما إلهيا أفيض إليه، لصفاء قلبه وروحه ولأجل ذلك ينسب علمه إلى فضل ربه، ويقول: * (هذا من فضل ربي) *.
كما تضافرت الروايات على أن في الأمة الإسلامية - كالأمم الغابرة - رجالا مخلصين محدثين تفاض عليهم حقائق من عالم الغيب من دون أن يكونوا أنبياء، وإن كنت في شك من ذلك فارجع إلى ما رواه أهل السنة في هذا الموضوع:
أخرج البخاري في صحيحه: " لقد كان في من كان قبلكم من بني إسرائيل يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر " (1).
قال القسطلاني: ليس قوله: " فإن يكن " للترديد بل للتأكيد، كقولك: إن يكن لي صديق ففلان، إذ المراد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء.
وإذا ثبت أن هذا وجد في غير هذه الأمة المفضولة، فوجوده في هذه الأمة الفاضلة أحرى (2) .
وأخرج البخاري في صحيحه أيضا بعد حديث الغار: عن أبي هريرة مرفوعا: أنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون، إن كان في أمتي هذه منهم، فإنه عمر بن الخطاب (3).
قال القسطلاني في شرحه: قال المؤلف: يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوة (4).
وقال الخطابي: يلقى الشئ في روعه، فكأنه قد حدث به يظن فيصيب،

(١) صحيح البخاري: ٢ / ١٤٩.
(٢) إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري: ٦ / ٩٩.
(٣) صحيح البخاري: ٢ / ١٧١.
(٤) إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري: ٥ / 431.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»