حسرة طويلة أو دائمة، وأن عمله هنا سيتجسد له في الآخرة، أشواكا تؤذيه أو ورودا تطيبه، وقد أقدم على العمل عن علم واختيار، فلو كان هناك لوم فاللوم متوجه إليه، قال سبحانه حاكيا عن الشيطان: * (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم) *. (1) وفيما مر من الآيات التي تعد الجزاء الأخروي حرثا للإنسان تأييد لهذا النظر، على أن من المحتمل أن الخلود في العذاب مختص بما إذا بطل استعداد الرحمة وإمكان الإفاضة، قال تعالى: * (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *. (2) ولعل المراد من قوله: * (وأحاطت به خطيئته) * إحاطتها به إحاطة توجب زوال أية قابلية واستعداد لنزول الرحمة، والخروج عن النقمة.
وكيف كان فتظهر صحة ما ذكرنا إذا أمعنت النظر فيما تقدم في الجواب عن السؤال الأول وهو أن الجزاء إما مخلوق للنفس أو يلازم وجود الإنسان وفي مثله لا تجري شبهة التعادل بين الجريمة والعقوبة كما هو واضح.
تم الكلام في الأصل الأول من أصول المذهب، أعني: العدل الإلهي وركزنا البحث فيه على الموضوعات التي تطرقت إليها الآيات القرآنية. ومن أراد التبسيط فليرجع إلى الكتب المفصلة في هذا الصدد.
ويليه البحث في الأصل الثاني وهو الإمامة والخلافة في الكتاب العزيز.