سبحانه مباشرة، وبلا تسبيب سبب وتهيئة مقدمة وليس في صحيفة الكون إلا علة واحدة تقوم بجميع الأفعال، وتنوب مناب العلل الطبيعية في كافة الموارد.
ب: إن صحيفة الكون قائمة بوجوده سبحانه ومنتهية إليه، غير أنه سبحانه خلق الأشياء من خلال نظام الأسباب والمسببات، والعلل والمعلولات، على وجه يكون للسبب والعلة دور في تحقق المسبب والمعلول وإن كان ذلك بإذنه سبحانه.
وعلى ضوء ذلك فللعالم خالق واحد أصيل، وعلة واحدة قائمة بنفسها، لكن تتوسط بينها وبين الظواهر الطبيعية والفلكية علل وأسباب مؤثرة في معاليلها، قائمة بذاته سبحانه، مؤثرة بأمره، والجميع من سنن الله تبارك وتعالى.
أما التفسير الأول: فهو خيرة الأشاعرة الذين ينكرون العلل والأسباب الطبيعية ولا يعترفون إلا بعلة واحدة، وهي قائمة مقام عامة العلل المتصورة للطوائف الأخرى، ولكن هذا التفسير - وإن كان لأجل الغلو في التوحيد - يخالف نصوص القرآن الكريم، فإن الوحي الإلهي يذعن بعلل طبيعية مؤثرة في معاليلها، وإليك بعض ما يدل على ذلك الأصل:
1 - * (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) *. (1) فالآية صريحة في تأثير الماء في اهتزاز الأرض وربوها، ثم إنباتها كل زوج بهيج، فالأرض الهامدة كالجماد، والذي يخرجها من هذه الحالة هو الماء، يقول سبحانه: * (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت) * فالاهتزاز والرباء والإنبات أثر الماء ولكن بإذنه سبحانه.