مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ١٧١
وخطابهم لأجل إعلام نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنهن في جوار هؤلاء المطهرين فيجب عليهن القيام بأداء حقوق هؤلاء العظماء، الذين ميزهم الله تعالى عن غيرهم من هذه الأمة بالتطهير والعصمة والاقتداء بهم في القول والسلوك.
ولكن يبقى هنا سؤال آخر، وهو أنه إذا كانت الآية، آية مستقلة فلماذا جاءت في المصحف جزءا من آية أخرى، ولم تكتب بصورة آية تامة في جنب الآيات الأخرى؟
الجواب: التاريخ يطلعنا بصفحات طويلة على موقف قريش وغيرهم من أهل البيت عليهم السلام، فإن مرجل الحسد ما زال يغلي والاتجاهات السلبية ضدهم كانت كالشمس في رابعة النهار، فاقتضت الحكمة الإلهية أن تجعل الآية في ثنايا الآيات المتعلقة بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أجل تخفيف الحساسية ضد أهل البيت، وإن كانت الحقيقة لا تخفى على من نظر إليها بعين صحيحة، وأن الآية تهدف إلى جماعة أخرى غير نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما بيناه قبل قليل.
وللسيد عبد الحسين شرف الدين هنا كلام ربما يفصل ما أجملناه فإنه - قدس الله سره - بعد ما أثبت أن قوله سبحانه: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * (1) منزل في حق الإمام أمير المؤمنين عليه السلام طرح سؤالا، وهو أنه إذا كان أمير المؤمنين عليه السلام هو المراد من الآية فلماذا عبر عن المفرد بلفظ الجمع؟
فقال: إن العرب قد تعبر عن المفرد بلفظ الجمع لنكتة التعظيم حيث يستوجب، ثم قال: وعندي في ذلك نكتة ألطف وأدق، وهي أنه إنما أتي بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بقيا منه تعالى على كثير من الناس، فإن شانئي علي وأعداء

(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»