أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) *. (1) نرى أن العزيز يخاطب أولا امرأته بقوله: * (إنه من كيدكن) * وقبل أن يفرغ من كلامه معها، يخاطب يوسف بقوله: * (يوسف أعرض عن هذا) *... ثم يرجع إلى الموضوع الأول ويخاطب زوجته بقوله: * (واستغفري لذنبك) *... فقوله * (يوسف أعرض عن هذا) * جملة معترضة وقعت بين الخطابين، والمسوغ لوقوعها بينهما كون المخاطب الثاني أحد المتخاصمين، وكانت له صلة تامة بالواقعة التي رفعت إلى العزيز.
والضابطة الكلية لهذا النوع من الكلام هو وجود التناسب المقتضي للعدول من الأول إلى الثاني، ثم منه إلى الأول، وهي أيضا موجودة في المقام، فإنه سبحانه يخاطب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخطابات التالية:
1 - * (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) *.
2 - * (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن...) *.
3 - * (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) *.
فعند ذلك صح أن ينتقل إلى الكلام عن أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وذلك لوجهين:
1 - تعريفهن على جماعة بلغوا في التورع والتقى، الذروة العليا، وفي الطهارة عن الرذائل والمساوئ، القمة. وبذلك استحقوا أن يكونوا أسوة في الحياة وقدوة في مجال العمل، فيلزم عليهن أن يقتدين بهم ويستضيئن بضوئهم.
2 - التنبيه على أن حياتهن مقرونة بحياة أمة طاهرة من الرجس ومطهرة من الدنس، ولهن معهم لحمة القرابة ووصلة الحسب، واللازم عليهن التحفظ على شؤون هذه القرابة بالابتعاد عن المعاصي والمساوئ، والتحلي بما يرضيه سبحانه ولأجل ذلك يقول سبحانه: * (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) *، وما هذا إلا لقرابتهن منه صلى الله عليه وآله وسلم وصلتهن بأهل بيته. وهي لا تنفك عن المسؤولية الخاصة، فالانتساب للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله و سلم ولبيته الرفيع، سبب المسؤولية ومنشؤها، وفي ضوء