مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ١٧٥
وما بعدها، والحديث يقتضي أنهم من أهل البيت لا أن غيرهم ليس منهم. (1) وقال المراغي: أهل بيته من كان ملازما له من الرجال والنساء والأزواج والإماء والأقارب. (2) وهذه النظرية موهونة أيضا أولا: إن اللام في " أهل البيت " ليس للجنس ولا للاستغراق، بل هي لام العهد وهي تشير إلى بيت معهود بين المتكلم والمخاطب، وهو بيت واحد، ولو صح ذلك القول لوجب أن يقول " أهل البيوت " حتى يعم الأزواج والأولاد وكل من يتعلق بالنبي نسبا أو حسبا أو لعلاقة السكنية مثل الإماء.
والحاصل: إنه لو أريد " بيت النبي " المادي الجسماني لا يصح، إذ لم يكن له بيت واحد، بل كان لكل واحدة من نسائه بيت مشخص، فكان النبي صاحب البيوت لا البيت الواحد.
ولو أريد منه بيت النسب، كما يقال: بيت من بيوتات " حمير " أو " ربيعة "، فلازمه التعميم إلى كل من ينتمي إلى هذا البيت بنسب أو سبب، مع أنه كان بعض المنتمين إليه يوم نزول الآية من عبدة الوثن وأعداء النبي، فإن سورة الأحزاب نزلت سنة ست من الهجرة، وقد ورد فيها زواج النبي من زينب بنت جحش، وهو حسب ما ذكره صاحب " تاريخ الخميس " من حوادث سنة الخمس، وعلى ذلك فلا تتجاوز الآيات النازلة في نساء النبي عن هذا الحد وكان عند ذاك، بعض من ينتمي إلى النبي بالنسب مشركا، كأبي سفيان بن عبد المطلب ابن عم رسول الله، وعبد الله بن أمية بن المغيرة ابن عمته، وقد أسلما في عام الفتح، وأنشد الأول قوله في إسلامه واعتذر إلى النبي مما كان مضى منه فقال:

(1) أنوار التنزيل: 4 / 162.
(2) تفسير المراغي: 22 / 7 -
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»