مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - الصفحة ١٦٠
" وجه إلي البعض سؤالا غريب المآل خلاصته الاستفهام عن المدفن الحقيقي لسيدنا الإمام (ع) مدعيا أن الخطيب في تأريخه أورد نقولا مختلفة، وأقوالا متشعبة عن مدفن الإمام (ع) وأنها قد أورثت الشك في قلب من لم يغترف من العلم ما يرويه، وأن الجواب المؤيد بوثائق تأريخية وغير تأريخية هو الذي يقطع جهيزة كل خطيب وعليه أجيب قائلا:
نشر - في هذا العام - للخطيب أبي بكر البغدادي كتابه المشهور " تأريخ بغداد " وكانت الآذان تعشقه قبل أن تراه العيون وما كاد الكتاب يأخذ نصيبه من الانتشار إلا وتراجعت الأفكار راغبة عنه زاهدة فيه، وذلك لأسباب: أهمها محاولة الكتاب في خطته التأليفية إثارة عجاجة الشبهات حول الحقائق بنقل منكرات عن نكرات ولقد حط من شأن أمثال أبي حنيفة فقيه العرب المعظم وأمثال الشيخ المفيد رئيس المتكلمين ضد الغلاة، كما قد ملأ الصحائف بالأخبار الضعيفة في ذم بغداد وتحريم المبيت فيها ويسندها إلى رسول الله (ص) المتوفى قبل أن تمصر بغداد وتأهلها بأكثر من قرن.
تلك الأخبار التي لا يشك في انتحالها على الرسول أحد من أهل العلم.
وبالجملة فالكتاب فقد مركزه الأدبي بعد انتشاره ومخالفة مسلكه مسلك المؤرخين وغاياتهم، إذ أن مسلك المؤرخ انتهاج وتدوين الحوادث
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»