حصل التفاوت بينهما من جهة كثرة الرواة، أو عدالتهم، ونحو ذلك من الأمور الأخر التي أشبعنا القول فيها في ما تقدم من حلقات هذا الدور.
ثم ماذا يقال عن تصريح الشيخ بالعمل بالخبر الموافق لدلالة الأصل وترك ما خالف تلك الدلالة؟!
وإذا عرفنا أن المقصود بدلالة الأصل عند الشيخ، هي القواعد الكلية المستنبطة من عمومات الآيات القرآنية، والأخبار المتواترة، والصحيحة الثابتة، والأصول العملية، كأصل البراءة والاستصحاب، إلى غير ذلك مما ذكر في محله (1)، علمنا بخطأ ما ذكره الأستاذ علال الفاسي، لأن الشيخ الطوسي نفسه لا يرى أن جميع ما رواه من أخبار في التهذيب أو الاستبصار موافق لدلالة الأصل عنده، ويدل عليه طرحه لجملة من الأخبار المروية فيهما مع تصريحه بضعفها، لمخالفتها لظاهر القرآن الكريم، أو السنة الثابتة، أو الإجماع، ونحو ذلك من التصريحات الآتية في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
على أن الحاصل من كلام الشيخ في مقدمتي التهذيب والاستبصار - فضلا عما في أصل الكتابين - أنه (قدس سره) لا يعمل بالخبر الشاذ النادر الذي لم يكن معروفا في الأصول المعتبرة، كما أنه لا يعمل بالخبر المخالف لدلالة الأصل، ولا بالخبر الضعيف المعارض بما هو أقوى منه، ولا حتى بالصحيح الذي هذه صفته أيضا، وأين هذا من القول بأنه لم يطرح أي حديث مروي حتى ولو كان ظاهر الوضع؟!
ثم لا ننسى ما ورد في أصل الكتابين من تصريحات وتطبيقات