مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٧٥
جعلهما بمنأى عن نزاعات الطموح القرشي الأموي، وأورث لهما استتباب الأمور بشكل أيسر بكثير ممن لحقهما في الحكم، إذ ليس هناك معارض إلا العلويين والأنصار المغلوبين.
فما أن تعالت صرخة أبي سفيان: " أغلبكم على هذا الأمر أذل بيت من قريش وأقلها؟! " (1)، وما أن دعا عليا للمطالبة بالخلافة وتنحية أبي بكر، حتى عاد وديعا يتحمل إهانة أبي بكر وصرخاته، وينعم باحتلال أخيه يزيد وابنه معاوية وغيرهما من الأمويين المناصب المرموقة في الخلافة الجديدة، مما ضمن للجناح الأموي من الكفة القرشية مطامحه ومطامعه في السلطة والسيادة، وذلك ما أوقف سيل معارضة أبي سفيان.
إلا أن استفحال التكتل الأموي، أخاف القوة القرشية فقها وسياسة، فحدا ذلك - من بعد - بالزعيم القريشي عبد الرحمن بن عوف أن يحدد صلاحيات عثمان الفقهية والسياسية والإدارية ب‍ " سيرة الشيخين "، باعتبارها - في أحد جوانبها - الممثل الأمثل والضامن الأكيد للهيمنة القرشية، والرادع القوي عن التطاول الأموي والاختراق العلوي والأنصاري.
إلا أن الجناح الأموي بدأ يعلن استقلاله بالسلطة في الست الأواخر من حكم عثمان، حين أبعد عثمان الشخصيات القرشية عن مراكز الخلافة أيضا، مضافا إلى المبعدين العلويين والأنصار الذين كانوا من قبل مهملين معزولين عن أداء أدوارهم، مستبدلا بهم شخصيات أموية بحتة (2).
وهنا انفرد الجناح الأموي - أو حاول الانفراد - بالسلطة، فخلق أمامه

(١) شرح نهج البلاغة ٦ / ٤٠، وانظر: أنساب الأشراف ٢ / ٢٧١، الإستيعاب ٣ / ٩٧٤، تاريخ الطبري ٢ / ٢٣٧، شرح نهج البلاغة ١ / 221.
(2) قد وضحنا هذا من قبل في كتابنا وضوء النبي / المدخل. فراجع.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست