مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٢٥١
إذا كانت هذه المزية موجودة في تخصيص الحكم بالتائبين، كان حل الكلام عليه من أصح الصحيح، ويأتي لهذا زيادة توضيح إن شاء الله تعالى.
الموضع الثاني:
قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " وإن الله تعالى ليتحمل عن محبنا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ما كان فيها على إصرار وظلم المؤمنين "، والكلام هنا يقع في مقامين:
[المقام] الأول: إن المراد بالإصرار على الذنوب عدم التوبة منها توبة جامعة لشروط صحتها وقبولها، ولفظه مستثنى من حكم التكفير لا من حكم التحمل، لعدم صحة المعنى بهذا، لاستلزامه أن الله سبحانه وتعالى لا يتحمل عن محبي أهل البيت (عليهم السلام) من مظالم العباد إلا المظالم التي تابوا منها ولم يصروا عليها.
ومن الواضح البين أنهم إذا تابوا من المظلمة وأوصلوا إلى المظلوم حقه في الدنيا، لم يبق عليهم لأحد مظلمة يطالبهم بها في الآخرة فيحتاجون إلى من يتحملها عنهم، حينئذ فأي مظلمة يتحملها الله عنهم على هذا الفرض، وإذا امتنع جعله مستثنى من حكم التحمل، تعين أنه مستثنى من حكم التكفير، فيجب أن يخصص به عموم التكفير ألبتة، فيكون المعنى: حبنا أهل البيت يكفر الذنوب عن محبينا إلا الذنوب التي أصروا عليها فإنها لا تكفر عنهم، أي لا تغفر لهم بحبنا.
فالكلام يفيد فائدة قطعية أنه لا يغفر لمحبي أهل البيت (عليهم السلام) لأجل محبتهم خاصة، إلا الذنوب التي تابوا منها لا ما أصروا عليه منها، وحكمة ذلك ما ذكرناه في الوجه الأول من وجوه الجمع بين الأخبار المتعارضة،
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست